‏المارثون اليومي / يارا السعد

‏المارثون اليومي
في وطني
الأطفال تمضي أوقات لهوهم في انتظار تحقق أمنيات خجولة. وعلى مسافة عمر منهم ،الشباب تُهدر طاقاتهم في تَتَّبع قوائم ديوان الخدمة وإعلانات الوظائف وفرص الهجرة.. وعلى مسافة مساوية من الارق: الأمهات يكثفن الدعاء ويجتهدن في سؤال مالك القرار عن أي فرصة شاغرة لفلذة كبد مكبل في أسر البطالة .. ولأرق الأباء نصيب أكبر بين دوامة ضنك العيش وضبابية مستقبل الأبناء وخلف الحجاب والابواب المقفلة الفتيات اكتفين بتحنيط الامنيات لأجل غير معلوم…..
هؤلاء نحن المساكين: ذوي الدخل المحدود .. الأقل حظا ..الاغلبية البائسة … لم نكن يوما في عداد وفد ٍرفيع المستوى، لا نظهر بالأخبار إلا كضحايا حوادث أو تحت جغرافيا خط الفقر .يقول طُملية حضر الفخامة و السيادة و الرئيس و الأستاذ و آخرون هؤلاء الآخرون هم نحن .. لن نكون في يوماً بلاك ليست ولا تحدث لنا الخوارق.. اي لسنا خارقي الجمال ولا خارقي الذكاء و لا فاحشي الثراء بالضرورة.. و لسنا خطيرين أبداً.. بسطاء جداً حد البؤس نموت من المسرطنات وعوامل نشوء الجلطات ..وحوادث الإهمال لا اغتيال و لا ظروف غامضة .. لا نعرف كيف تصاغ الشِعارات الرنانة والمانشيتات التي تبيع صكوك الولاء للوطن ولا كيف تتم الانقلابات لا نكره ولي الامر ولا شأن لنا بالشأن العام ..لا نتابع من الأخبار سوى الطقس و هلال العيد .. لا نزور المطار سوى مره واحدة في العمر.. كسيري القلب لكن خلف حجاب الصبر نختبئ.. لا نكتئب لأن الاكتئاب ترف يتطلب فقدان شيء أو سوء منقلب في حال. لأننا ببساطة لا نملك ما نفقد وضيق ذات اليد جعل الامر سيان .. لا يهدأ لنا بال ولا نستجم إلا في ظل شجرة .. نحن الذين تفسد صباحتانا بسبب عسر المواصلات.. و تفسد مساءتنا بسبب الوحدة والبرد وأحاديث الغلاء .. إننا نعامل أمهاتنا بحب عظيم يميل دائما الى الحزن.. نعامل ابائنا باحترام عظيم يميل الى العجز أمام رد جميل تعبهم ..نعامل اصدقائنا بوفاء عظيم و نتشارك أوجاعنا معهم بسخرية .. نعامل الجميع بشيء عظيم بالرغم من اننا على الهامش ولا شيء في الهامش عظيم.. نحن اصحاب السخط حين تجور الحياة .. نلعن الحياة والظروف تارةً ولا نفتأ نستغفر و نتعوذ فوراً قبل أن يكفرنا رجل دين ضحل الايمان .. نلعن من سرق البلاد وعاث فيها بالفساد بصوت خافض خوفا من أن تسند إلينا تهمة زعزعة الامن والاستقرار فيؤتى برقابنا في اليوم التالي ..
بعيدا عن كل هذا ما زال في القلب إيمان يستعين بالصبر والحمد والشكر للخالق الوهاب فهو ملاذنا في الشدائد …..هو دوما معنا وهو دائما بعوننا في ماراثون حياتنا هذه

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى