يوم الحراثة
في عام 2005 وبهذا الوقت تحديداً جدي – الله يرحمه – حكالي بكرا يا جدوه عطّل عن المدرسه لأنو عندنا حراث بنجده ، انا ما صدقت منو بكسب العطله ومنه بركب على البغل ، صلينا الفجر ولقينا الحراث بستنى فينا ، قبل ما يسلم عليه جدي سأله اهم سؤال : حسمت السchه ؟ ، فالحراث طال سيجارة جولد كوست احمر وحكاله : اه يا حج حسمتها مثل ما بدك .
اطلعنا في بكم غرفه ، جدي والحراث بجنب السايق وأنا والبغل ركبنا من ورا ، للأمانه البغل ما كان عنده ذوق لأنو عند كل كوربه كان يميل علي ، وصلنا الأرض وقبل ما يبلش الحراث شرب كاسة شاي وقال : يا الله .
على الساعه تسعه حكالي جدي روح اعمل فطور ، عملت ابريق شاي على الحطب وفغشت ٦ بيضات سلق واعملت قلاية بندوره وحطيت لبنه مدحبره وناديتهم يفطروا ، بس خلصنا فطور سرقت من جدي سيجارة هيشي ودخنتها مع كاسة شاي بجنب البغل .
الساعه ١٢ الظهر الغيم الأسود بدأ يتجمع بالسما ، حكيت للحراث انو هيها بتنقّط يللا نروح ، جدي حكالي يا جدوه هساع بتبخ بخّه وبتوقف ، وكل شوي يحكي للحراث : يا ابو سليمان بوره ” يعني بغش بالتلم ” ، وابو سليمان كل ما جدي يحكيله بوره يصير يتمتم ، هو بسب هو بطعّم ما بعرف .
الأرض من الشتا صارت طين وبلش البغل يحرف من الزحاليق ، فلما وصل الطين لركبتي حكالي جدي : خلص يا جدوه هاض خير لُم الغراض واحكي مع البكم خلينا نروح .
قعدنا نص ساعه تحت السنديانه وهي تشتي لما شرّف البكم ، ونفس بروتوكول الطلعه رجعت قعدت في صندوق البكم من ورا بجنب البغل ، انا وهو مليانين طين وبردانين ، فكنت كل شوي اتطلع عليه وأحكيله : الحياه بدها صبر يا بغل ، حسيته بس كنت احكيله هالجمله انو بيبتسم ، بس فرط ضحك لما حكيتله : بتعرف يا اخ بغل انو ببعض اوقات بتصير أزمة على الحراثين فأنا اقترحت انو يعملوا هيئة تنظيم قطاع البغل .
التراب لا يُخرج الأسرار الا للحراث ، بينهم لغه خاصة يترجمونها بقاموس الحراثة ، لقد اشتقت للسكّه المحسومه ولعود الحراثة ، اشتقت لجدي وسيجارة الهيشي وقصص الحراث ، اشتقت لأنفاس البغل المُنهكه ولبكم الغرفه ، اشتقتُ للمطر ورائحة الطين وابريق الشاي الأسود .
ماتَ جدي وفرغت علبة الهيشي من السجائر ، شاخ البغل ويبس عود الحراثة وأصيب ابو سليمان بالسكري ، باع ابو عامر بكم الغرفه وألقت أمي بابريق الشاي المهترئ ، اختفى كلُّ شيء ولم يتبقى على قيد الحياة الا التراب في نزاعهِ الأخير ينتظر المطر .
