#يسألونني !! / أحمد المثاني

.. يسألونني أنت تكتب في الاجتماعي و الثقافي و الوجداني ، لكننا نلاحظ أنّك تكثر من الكتابة حول المهمّشين و المسحوقين من غير ألي النعمة ، في مجتمعنا .. و أنّك بميل عاطفي معهم ، و هم بلا ألقاب أو حضور في منتديات القوم ، و صالوناتهم .. فقد كتبت عن عمّال الوطن و المتعوسين والذين يفترشون الأرض و الأرصفة على ميادين المدن التي يتلألأ نور فنادقها و مقاهيها و مسارحها و باراتها ..و كتبت عن الليلة الماطرة و انكسار نفس العائدين بثيابهم المبللة ، و هم يحتالون على رغائب أطفالهم و لو بشراء ما يشوونه على النار .. التي يكاد يذهب دخانها بنور أبصارهم .. فهي موقدة من مخلفات أحذية و ثياب بالية .. بعد أن أعجزهم شراء الكاز أو الغاز .. يسألونني ، كيف ينغمس قلمي في عرق المتعبين ، و كيف ألقي بعض الضوء على زوايا حياتهم المظلمة التي لم تعرف بهارج الفرح و لا شهدت استراحة لالتقاط الأنفاس لشيء من رفاهية العيش .. فهم يسابقون الشمس في مطلعها ، يحملون همومهم في قلوبهم و صدورهم .. تثقلهم الديون و الطلبات بعد أن ضاقت الدنيا عليهم بحلقاتها .. و يحملون معاولهم و ليحفروا عن لقمة خبزهم .. و آخرين يضربون في جنبات الأرض ليعودوا في المساء و قد حملوا أكياسا تسد رمق أسرة ، فيها العاجز و المريض .. و الصغير .. يسألونني ، و أنا أكتب عن فئة من الناس لم يعودوا يتذكرون أيام ميلادهم .. فضلاً عن احتفال بأعياد ميلاد أبنائهم .. و هم لم يدخلوا يوما فندقا أو يشاركوا في ناد مثل اؤلئك من عباد الله الموسرين .. و هم لا يعرفون بوفيه .. مفتوح و لا مغلق .. هم يأكلون و هم يركضون .. و زادهم الخبز و شيء مما يملأ المعدة .. يسألونني ، و أنا أكتب عن فئة أصبح الشتاء همّاً و رعباً و هم لا يدرون كيف يتدبرون أن لا يذهب بهم السيل أو المطر ..و كيف سوف يغلقون ما تشقق من بيوتهم .. و كيف يعوضون ” يوميّتهم ” بالعشرة دنانير ، التي يغرمونها .. .. يسألونني ، و هذه الفئة من الناس قد أجلت مشاريع فرحها و سعادتها .. و قلّصت حاجاتها و شدّت على بطونها حجارة الصبر و التعفف .. فرضيت بالقليل ، و لم ترق ماء وجهها . .و تركت لين الحياة و الرفاه .. و البذخ و البطر لغيرها .. ممن لم يذوقوا طعم العيش المرّ ، و لم تلسعهم سياط البرد .. و لا كوتهم نار الحرمان أو حُرقة العجز عن اشباع رغبات الأطفال .. تركوا لقوم كفر النعمة بالموائد التي تلقى في الحاويات .. و لقوم من بني جنسهم ، يطعمون حيواناتهم أوراق النقد .. و يكسونها بالقلائد من الذهب .. تركوا لهم كفر النعمة ، و رفعوا الى الله شكواهم .. و ظلم مَن غرقوا في مستنقع التظاهر و الإسراف و التبذير .. .. .. و بعد ذلك ، تسألونني ! – أحمد المثاني –

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى