“وين العرب؟” سؤال الأطرش بالزفة ! / مادلين احمد

“وين العرب؟” سؤال الأطرش بالزفة !
وين العرب؟ ” الجملة التي تظهر تلقائياً بعد إطلاق أي صاروخ بغض النظر أين وجهته، ومع كل قرار جديد كنقل عاصمة مثلاً! ومع أي صور تُنقل هنا وهُناك لمجزرة أو إبادة يرتكبها طاغية أو فصيل ما. حسناً، هذا تساؤل غبي، وأحمق.

المشكلة الأساسية لقضايانا أننا أكسبنا الرئيسية منها طابع القومية الذي فُرض علينا، ولأننا جبناء بالقدر الذي يحتاجه العدو فلم نستنكر القومية المفروضة بل صدقناها وآمنا بضرورتها وتأقلمنا معها وتعايشنا بكل جُبن مع تبعاتها، فبمجرد أن ألبسنا القضية الإسلامية ثوب العروبة فنتيجة القضية محسومة للأسف ولا حاجة لكل هذه الدماء!

على سبيل المثال، القُدس؛ قضية المسلمين جميعاً ولكننا أكسبناها ثوب العروبة أحياناً والقومية في أحيانٍ أكثر. القدس ليست للفلسطينيين وحدهم ولا المسجد الأقصى هو مسجد يحتكر صلاة المصلين الفلسطينيين دون غيرهم! ولأننا كما ذكرت -جبناء بالقدر الذي يحتاجه العدو- قُمنا بنزع الإسلام عن قضية بيت الله، وعلى ذلك قام الكثير من عباد الله باتباع قافلة العروبة التي تسير والكلاب تنبح بقومية داخلها وتُسيّرها.

” القدس قضية العرب الأولى ” نعم -على ما يبدو-، ولأنها قضية العرب الأولى سيموت الكثير من المسلمين لتحرير هذه الدولة العربية التي على ما يبدو سيحتاج تحريرها لمجرة من العرب لأننا لا نجدهم ودائماً نتساءل ” وين العرب؟ “. أما لو أنها قضية المسلمين الأولى لكان الحال غير الحال، ولجاءها -من يهتم- وغيرهم في سبيل تحرير قضية تجمعهم ولا تستقصي أحدهم! فلكل مقامٍ مقال، إن كانت قضية دينية فكيف نحتكر الدين لجزء من العرب! ولكننا في نفس اللحظة التي ألقينا بقضية إسلامية ثابتة على كاهل قومية وعروبة هش فعلى القضية السلام!

مقالات ذات صلة

وهذه التي عليها السلام جرّت خلفها كل القضايا من بعدها، فلن نأسف على مسجد أموي فهو يخص العرب السوريين، ولن نحزن على بابل فهي حضارة للعرب العراقيين، ولن نبكي على عدن فهي للعرب اليمنيين، ولن نغار على الجزائر وتونس وليبيا وكل الدول العربية! فلكل دولة عربها الذين لا ينتمون للعرب المجاورين لهم، فالعرب أوفياء جداً لسايكس بيكو وخطوطهم.
إن أردنا يوماً تحرير حقنا -أو جزء منه على الأقل- فيجب أن نُلبسه ثوب الحق أولاً، وثوب الحق لا يُستَورَد! العلة الأساسية لهذا العصر الذي يقترب من الهاوية أن سُكان هذا العصر يتبعون عدوهم، لا يُحاربونه إطلاقاً! فلا يملكون أعداءً سوى أنفسهم، فبدل أن نُحارب الذي يغتصب أقصانا؛ اخترنا أن نُحارب طائفة منا بينما يُغتصب أقصانا! اخترنا أن يُباد عرق كامل لأجل كرسي لا نجلس عليه أساساً، بل كرسي يحكمه العدو. والأدهى أننا نُحلل هنا وهناك لنكشف مؤامرات العدو الذي يتربص بكل ثمين من تاريخنا أو أرضنا، ولكننا مثل أي مُتحرٍ بليد، نحل لغز ونكشف مؤامرة ونُحلل مجزرة ونجلس بانتظار لغزٍ آخر نتسلى بحلّه والكشف عن دوافعه!

” نحو شرق أوسط جديد ” نعم؛ لقد قمنا بحل هذا اللغز من قبل، ورسمنا الخرائط، وقُمنا بإحصاء عدد الدول التي ستبقى والتي ستنتهي، وبأن المُخطط الغربي ينوي تقسيمنا لدويلات دينية حتى يسهل التحكم بنا والسيطرة علينا. وبتنا نعرف أننا غداً سنملك جواز سفر باسم دولة غير الحالي فالإقليم الحالي تقترب مكانته من النهاية. ولكننا كشفنا هذه المؤامرة وننتظر تنفيذها، ونعرف بأننا إن كنا شرق أوسط أو عالم عربي أو دولة إسلامية أو إقليم سين أو صاد مترابط أو أي مُصطلح من مُصطلحات الوحدة فسنُشكل ثقلاً وتهديداً للعدو، ومع كل هذا لا نتوحد ولا نترابط! المُضحك المُبكي حقاً أن نكون أذكياء بهذه الحماقة!

فمع كل هذه العبقرية فإن هذا الشرق الأوسط لن يُصبح جديداً على الإطلاق، بل نحن نسعى نحو شرق أوسط غير مهم إطلاقاً، أو رُبما يجب إلباس هذه الجملة ثوبها الحقيقي، فالحقيقة هي أن العدو يسعى لشرق أوسط غير مهم على الإطلاق

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى