وداعا لينين العربي / يوسف غيشان

وداعا لينين العربي

ما زلنا نحارب التحديات الجديدة بالأسلحة القديمة التي لم تنجح في حينها ….أي اننا نجرب المجرب الذي جربناه وفشل، المرة تلو المرة، ما زلنا نطلق ذخائر القلب من شتائم ودعوات ضد العدو (الغاشم)….نوسعهم شتما وهم يودون بالإبل والبعارين وخيمة الشيخ ودلال قهوته.
في فيلم(وداعا لينين) تصاب ام الشاب الألماني الشرقي بجلطة قوية قبيل سقوط جدار برلين عام 1989، وتستمر في غيبوبة دامت لأشهر، الى ما بعد توحيد الألمانيتين، وإلغاء الجدار تماما، وانهيار الحكم الشيوعي الموالي لموسكو، بعد اتفاق بين ريجان وغورباتشوف ابو طبعة جنان.
أم الشاب قيادية وشيوعية متحمسة، وكان يمكن ان تستوعب الصدمة، كما استوعبها غيرها، لكن الطبيب حذر ابنها بأن قلب امه ليس بكامل كفاءته، وأنها ستصاب بجلطة وتموت، اذا سمعت بهذه التغيرات المفاجئة غير المتوقعة.
لا اذكر تفاصيل الفيلم تماما، لكني اذكر ان الشاب كان يحاول ان يبعد الوالدة الرؤوم عن رؤية الواقع الجديد، فإذا نظرت من الشباك مثلا، وشاهدت لافته (كوكا كولا) تعلو فضاء برلين الشرقية، وتفاجأت، قال لها الشاب، بأن شركة المشروب المحلي الألمانية الشرقية، قد حصّلت ارباحا خيالية، واشترت شركة كوكا كولا، وهذا الشعار صار ملكنا…وهكذا عاشت الحجة الإشتراكية في بحر من الأكاذيب. لكني لم اعرف النهاية، فلم اكمل مشاهدة الفيلم.
لم اكمل مشاهدة الفيلم؛ لأني شعرت اننا جميعا نعيش في فيلم مشابه تماما، لا بل في عدة افلام مركبة نشاهدها ونمثّل فيها ونخرجها وننتجها، نحن جميعا . حكاما ومحكومين ….اننا جميعا نشارك في التآمر على انفسنا وعلى خداع ذواتنا؛ لأننا نخشى ان نعترف بالواقع والحقيقة، ونرفض التعامل معها.
لم اكمل مشاهدة الفيلم؛ لأني شعرت ان جميع اطروحاتنا لحل مشاكلنا الحالية هي اطروحات تشبه الحلول المؤقتة والتسويفية التي كان يمارسها الشاب مع أمه، لحين ان يأتي هادم الملذات ومفرق الجماعات..جنرال الموت.
نحن بحاجة الى اسلوب جديد لمواجهة المستجدات والتحديات الجديدة….للأسف لا اعرفها، لكني اعرف أنها ينبغي ان تكون مواجهة حقيقية، بأدوات عصرية، وليست حرب دعوات بالموت والتشتت ..بينما في الواقع، نحن من يتشتت ونحن من يموت.
شبعنا موتا..وأشبعناهم شتما.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى