هل يحل الكمبيوتر أزمة الغذاء في العالم؟

سواليف
قالت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية إن العالم، وفي غضون عقود قليلة، سيحتاج إلى توفير الغذاء لنحو 9 مليارات نسمة.

وقالت الصحيفة إن فريقا من العلماء الإيطاليين والأمريكيين اقترحوا أن يقوم المزارعون بتبادل المحاصيل الزراعية من أجل الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، وخاصة الماء.

ونقلت عن باحثين في مجال البيئة إشارتهم إلى تطوير حاسوب آلي من شأنه أن يقدم تصورا لما ستكون عليه ثلاثة أرباع الزراعة العالمية، وذلك من خلال تحديد أفضل مجموعة تتكون من 14 محصولا تستطيع كل دولة زراعتها.

ونقلت الصحيفة عن كايل ديفيس من جامعة فرجينيا في مدينة شارلوتسفيل الأمريكية، أن التوظيف الأمثل للحقول من شأنه أن يؤدي إلى توفير الغذاء إلى قرابة 825 مليون شخص، إلى جانب الذين يحصلون بالفعل على الغذاء في الوقت الحالي. وشدد ديفيس على ضرورة أن يهتم المزارعون بزراعة درنة البطاطا والفول السوداني وفول الصويا، في حين يتوجب عليهم الحد من زراعة الذرة والأرز والدخن وقصب السكر والشمندر السكري والأهم، القمح.

مقالات ذات صلة

وأضاف ديفيس أن زراعة محاصيل لا تحتاج إلى كمية كبيرة من المياه، ولكنها تتميز بقيمة غذائية عالية، من شأنها أن تساعد على الوصول للحد الأقصى من الإنتاج. فعلى سبيل المثال، يوفر كل من فول الصويا والفول السوداني نسبة كبيرة من البروتين.

وعلى الرغم من أن درنة البطاطا تتمتع بقيمة غذائية أقل، إلا أن نسبة المحصول الناتج عن كل هكتار مرتفعة للغاية وتعتبر تلك المحاصيل الثلاثة بديلا مثاليا عن الأرز والقمح والذرة، التي تحتاج لكمية كبيرة جدا من الماء.

والجدير بالذكر أنه وبغية توفير الغذاء لفائدة 9 مليارات نسمة، لا بد من اتباع ثلاثة تدابير ضرورية. ففي المقام الأول، ينبغي تحسين إنتاج الحقول الموجودة حاليا، فضلا عن الحد من النفايات، وأخيرا، خفض نسبة الأغذية الحيوانية.

وأكدت الصحيفة أن النموذج الحاسوبي المطور سيساهم في زيادة كمية البروتينات المنتجة بنسبة 19 بالمائة، والسعرات الحرارية بنسبة 10 بالمائة، فضلا عن الحد من استهلاك المياه عالميا بنسبة الثمن. ووفقا لهذا النموذج، تستطيع الهند توفير ثلث كمية المياه التي تستخدمها.

ومن خلال الري الصناعي، تستطيع تشيلي توفير قرابة 10 بالمائة من استهلاك المياه، في حين من الضروري أن تعتمد كل من إسرائيل والسودان بشكل كبير على مياه الأمطار. وفي هذا الصدد، أفاد الباحثون أن هذه الطريقة ستجنب العالم ما يسمى بالزراعة الأحادية، حيث سيأخذ الحاسوب بعين الاعتبار تنوع المحاصيل ونوعية التربة، فضلا عن كمية العلف اللازمة للحيوانات.

وأفادت الصحيفة أن التوصيات التي يقدمها النموذج الحاسوبي تتعارض مع الاتجاه العالمي في الزراعة. فعلى سبيل المثال، يتحتم على ألمانيا أن تستبدل نصف كمية القمح التي تزرعها في الوقت الحالي، وكذلك ثلث إنتاجها من الشمندر السكري، من خلال زراعة الذرة والبطاطا وكذلك اللفت السويدي، مما سيساهم في تضاعف إنتاجها من درنة البطاطا بنحو ست مرات.

وأوضح أن الحاسوب نصح بالحد من زراعة اللفت، مقابل زراعة دوار الشمس وفول الصويا والدخن. وبالتالي، ستتمكن ألمانيا من توفير نحو 10 بالمائة من مياه الزراعة، في حين ستزداد نسبة المحاصيل الغنية بالسعرات الحرارية إلى تسعة بالمائة ونسبة الأغذية الغنية بالبروتين إلى 12 بالمائة.

وأفادت الصحيفة أن باكستان، على سبيل المثال، لا بد أن تقلل بشكل كبير من إنتاج الشمندر السكري، بالإضافة إلى الذرة والدخن والقمح. وفي الوقت نفسه، يتحتم عليها مضاعفة زراعة دوار الشمس 18 مرة ودرنة البطاطا 23 مرة والفول السوداني 47 مرة. من جانبها، ستضطر أستراليا إلى رفع معدل إنتاج البطاطا، مقابل تخليها نهائيا عن زراعة القمح.

وستتمكن من خلال ذلك من توفير ضعف المحاصيل الحالية الغنية بالسعرات الحرارية وأكثر من ثلاثة أضعاف إنتاجها من المحاصيل الموفرة للبروتين. وفي السياق ذاته، سيرتفع إنتاج إثيوبيا من المحاصيل الغنية بالبروتين إلى ستة أضعاف مقارنة بإنتاجها الحالي، والغنية بالسعرات الحرارية إلى ضعفين.

وأفادت الصحيفة أن تجاوب المزارعين مع هذه التوصيات لن يكون سهلا. وفي هذا الإطار، أكد الأستاذ بمعهد تونين بمدينة براونشفايغ، مارتن بانزيه أن “كل تلك المعطيات مثيرة للاهتمام ولكنها لم تجبنا على السؤال الأهم: ما هي الآليات الاقتصادية التي ستدفع بالمزارعين إلى تغيير توجهاتهم بالقوة من أجل توفير الغذاء لتسعة مليارات نسمة في المستقبل؟”. وفي هذا الصدد، لابد أن تلعب الدولة دورا هاما في سبيل التأثير على المزارعين والمستهلكين على حد سواء.

من جانبه، عقب الأستاذ بجامعة فاخينينجن، مارتن فان إترسوم أن ما توصل إليه الحاسوب “يظل تصورا عاما وصعب التنفيذ”. ويعتبر فان إترسوم أحد مديري مشروع “خريطة الفجوة الإنتاجية العالمية”. ويعمل هذا المشروع على تحديد الفجوة الإنتاجية لكل دولة معتمدا على الأرقام المحلية، ويقدم طرقا أفضل على مستوى إدارة الموارد والإمكانيات من أجل سد تلك الفجوة.

وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن المشكلة فيما يتعلق بهذا الحاسوب الذي يحاول إعادة توزيع زراعة المحاصيل في العالم تكمن في أنه تجاهل احتياجات الأشخاص. وفي هذا الصدد، ذكر فان إترسوم أن “دولة مثل إيطاليا التي أقر الحاسوب بضرورة توجهها إلى زراعة البطاطا والحد من زراعة القمح، في حين أن وجبتها الرئيسية تتمثل في المعكرونة، أمر غير منطقي”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى