هذا العصر المتسارع / أحمد المثاني

هذا العصر المتسارع

لعل من أبرز سمات عصرنا الذي نعيشه ، السرعة في التطوّر و التغيير .. سواء أ كان
ذلك فيما هو مادي أم اجتماعي و إنساني ..
فاذا استغرقت المجتمعات الانسانية مئات
من السنين لتنتقل من مجتمعات رعوية الى مجتمعات زراعية .. و الى مجتمعات صناعية .. و منذ ان طوّر الإنسان أدواته
و اخترع العجلة و القاطرة البخارية .. و
السيارة و الطائرة ..الخ فقد كان المجتمع
يرقى سلم الحضارة و المدنية .. وكان
الانسان يتلاءم و تلك التغييرات و يكيّف
سبل معيشته و صولا الى أنماط تفكيره
و ثقافته .. كان الانسان يعمل في بيئته
و يتكيف معها ، بما يسمح له أن يستوعب
الأنماط الجديدة .. التي صاحبت المخترعات و المكتشفات .. و بالطبع
كان هناك فروق بين مجتمع و آخر و حضارة
و أخرى ..
ما نلمسه اليوم ، و نحن نعيش عصر
التطور التقني و الانفجار المعرفي – سرعة
في التطوير و التغيير بصورة مذهلة ، بحيث
ما احتاجته الانسانية الى قرون او عقود
أصبح الانسان ينجزه في بضعة شهور او
أيام .. ففي كل يوم نسمع تطويرا جديدا
و كشفا جديدا .. نلمس ذلك بما تقذفه
المصانع و المعامل و الشركات المنتجة التي
أصبحت تتميز بالعولمة .. فالسيارات
و الطائرات و وسائل الاتصال . . و الآلات
التي اصبحت تدار بالحاسوب .. و المنتجات
التي غمرت الأسواق .. و فتحت شهية
الاستهلاك لدينا ، بما يصاحبها من دعاية و إعلان .. كل ذلك غيّر من أنماط معيشتنا
و أذكى فينا حبّ التملّك .. و أوجد لنا
حاجات لم تكن تلزمنا .. و انعكس ذلك
على علاقاتنا الانسانية ، التي اصطبغت
بدافع المنافسة و الصراع و الأنانية ..
و البحث عن الثراء و الربح و الاستحواذ على ما يداعب كبرياءنا و يشبع شهواتنا
التي لا تقف عند حدّ ..
و كذلك صارت الأشياء .. هي الهدف و هي
القيمة .. بعيدا عن انسانيتنا .. و قيمنا

لم يعد انسان هذا العصر .. إلا رقما أو
مستهلكا .. و طفت على سطح مجتمعاتنا
التي فقدت هويتها طبقة من النفعيين
الفاسدين الذين عرفوا كيف يقتنصون
الفرص لجمع الثروة و الجاه و السلطة
و أصبحت القيم السائدة ، تعلي من شأن
الفاسدين ، و ينظر للانسان بما يملك من
مال و ثراء .. و ظهرت المظاهر الخادعة
و المجاملات الكاذبة .. و أفرغ التدين
من حقيقته ، ليصبح تظاهرا و كلاما
بعيدا عن حقيقة التقوى و الاستقامة
و الاخلاص في العمل .. و التسامح و
حب الخير .. و تفككت روابط المجتمع
و علا صوت العصبيات و العنصرية ..
و عانت أغلبية من الظلم و التهميش ..

لقد وصلنا الى حال كاد ييأس فيها
المصلحون و دعاة الخير .. و أصبحنا
تحت وقع الفساد و الجريمة .. و قد
يقول قائل ما العمل و ما الحل ..
لا نملك الا أن نقول :
” إنّ الله لا يغيّر ما بقوم .. حتى يغيّروا
ما بأنفسهم ” صدق الله العظيم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى