نكبة السعدان / يوسف غيشان

نكبة السعدان
حوالي منتصف القرن الماضي ، مرّ من مادبا (قفل) تجاري كما كانوا يسمونه آنذاك ، مكوّن من عدّة بغال محمّلة بالطحين وأغراض أخرى .. وقد قرّروا النوم في ساحة مفتوحة في المدينة .. فتجمّعوا في مكان واحد وكان لديهم قرد – سعدان تحديدا ً – لممارسة الألعاب البهلوانية ، وقد أوكلت مهمة حراسة القافلة خلال الليل إلى القرد.
في الهزيع الأخير من الليل جاء رجل ذكي إلى محيط القافلة بقصد السرقة .. ولفت انتباه السعدان إلى وجوده ثم شرع يتثاءب ويتمطّى ، فصار القرد يتثاءب ويتمطّى بالعدوى .. ظلّ الرجل يتثاءب والقرد يتمطّى ، الرجل يتمطّى والقرد يتثاءب ، حتى نام القرد مرغما ً.
دخل الرجل وسرق ما استطاع حملة وهرب !!
في الصباح اكتشف أصحاب القافلة السرقة ، وعرفوا أنّ القرد لم ينبههم لأنّه كان نائما ً ، فحمل صاحبه خيزرانة طويلة وقوية ، وشرع يضرب بالقرد حتى (نهنهه) ضربا ً موجعا ً على كافة أجزاء جسمه .
في الليلة التالية وضعوا القرد في الحراسة وناموا .
فجاء اللص ّ الذكي مرة ثانية ، وصار يتثاءب ويتمطّى أمام القرد لعله ينجح في تنويمه ، ويعاود السرقة من موجودات القافلة .
لكن القرد ، وما تزال آلام الخيزرانات تنخر عظامه ، فقد تذكر (نكبته) ووضع إصبعيّ السبابة تحت جفنيه السفليّين وأشار الى اللص إشارة تعني أنه لن ينام وستظل ّ عيونه مفتوحة.. حتى لا تتكرر النكبة .
أمّا القرد ، فقد تذكّر جراح نكبته وظلّ صاحيا ً حتى لا تتكرّر ، أمّا نحن فقد نمنا ونمنا بدون أن يتثاءب أحد أمامنا ، فتكرّرت النكبة والنكسة والهزائم الصغيرة والكبيرة .. وما زلنا على قيد النوم !!
من كتابي(لماذا تركت الحمار وحيدا)الصادر عام2008

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى