نظرية “نص البلوكة”

مقال الإثنين 28-8-2017
النص الأصلي
نظرية “نص البلوكة”
واحدة من العادات الأردنية المتوارثة أن يقوم صاحب “البكم” بوضع حجر أو “نصف بلوكه” وراء العجل الخلفي احتياطاً كي لا “يدحل”البكم..بغض النظر عن تضاريس الأرض التي تصطف بها المركبة سواء أكانت طلوع أو نزول او كانت مستوية فإن أول عمل يقوم به السائق أن يبحث عن حجر قاس أو نصف طوبة كي يضعها لتدعيم الإطار الخلفي..
هذا العمل المتوارث بين السائقين ، يدل أننا شعب لا يثق بـ”الهاند بريك” ،ولا نثق بكل تجارب الشركة المُصنعة التي قامت بتأمين السيارة عشرات المرّات وأخضعتها لفحص عملي بأكثر من طريقة للثبات ، كما لا نثق باسمها التجاري وسمعتها العالمية بل نبحث في كل مرة عن “دبشة” حتى تسند “المحروسة”.
**
“نصف البلوكة” تمدّدت من تامين “البكم” الى السياسة ..فنحن مثلاً لا نثق بــ” هاند بريك” الشعب ،ولا نثق بكل التجارب العالمية التي مارست الديمقراطية الكاملة وتركت الاختيار للناس والحكم للناس، بل نبحث في كل مرّة عن مجالس معيّنة “نصف بلوكة” حتى تسند خيار المواطن ..مثلا في النموذج الديمقراطي الأول “مجلس الأمة” نمارس أيضا نظرية “نص البلوكة” ، لأننا لا نثق بخيارات الناس ونخاف ان “يدحل”الوطن للوراء ، فنجد أن هناك مجلس نوّاب منتخب “هاند بريك” وهناك مجلس أعيان معيّن “نص بلوكة”..والأخير موضوع احتياطاً في حال “هوّر” مجلس النواب – لا سمح الله- لسبب فإن هناك ما يعيق “تهوّره” ويسنده إلى أن يأتي صاحب “البكم” ويتدخل..
في الانتخابات اللامركزية..تشجيع وترويج وشرح مطول وذكر محاسن اللامركزية بأنها خطوة اضافية نحو الديمقراطية واختيار الناس لمثليهم ..وبناء عليه شاركت أمة لا اله الا الله وانتخبت وأفرزت الى هنا الوضع جميل …لكن الجانب المنطقي يقول ان المجلس المنتخب هو من يطرح أفكاره واحتياجات المناطق التي يمثلها والسلطة التنفيذية هي من تقوم بتنفيذها فالقرار الأول والنهائي للمجلس المنتخب …لكن أين؟ حتى في هذه المهمّة البسيطة البعيدة عن السياسة والقرارات المصيرية ارتأت الحكومة ان تبحث عن “نصف بلوكه” حتى تضمن سلامتها…فبعد ان أفرزت إرادة الشعب ممثلي اللامركزية لينوبوا عنهم في المطالبات جاءت الحكومة ووضعت “نصف بلوكة” يسمى المجلس التنفيذي في المحافظة والمكون من الحكّام الإداريين وبعض الشخصيات المعينة بقرار حكومي…أرأيتم؟ حتى هنا صار لدينا مجلس محافظة “هاند بريك” ولدينا مجلس تنفيذي “نصف بلوكة”..وكل هذه الإحتياطات أيضاَ لأننا لا نثق بخيارات الشعب وغير واثقين من بلوغه سن الرشد..
في الأردن، خلف كل عملية انتخاب هناك “كتلة تعيين”..وهذه ديمقراطية رهيبة وفريدة من نوعها في العالم …الخيار للشعب والقرار للحكومة…انتقِ ما شئت من “نوفيتيه الاحتياجات” وانا “بلبّسك ع كيفي”..

“أهبديني” بنصّ بلوكه يا كرمة العلي خليني اخلص..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. الديموقراطية عندنا فقط تجميل و اكسسوارات امام العالم لنقول لدينا برلمان منتخب! وبلديات منتخبة!!!! و و و ولكن بالنتيجة الكل معين بطريقة انو باخرى ؟؟؟ فقط لنكسب ود الغرب و يغدقو علينا الاعطيات التي تذهب مع الريح

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى