نصف دينار من جدتي نجمه / محمود الشمايله

نصف دينار من جدتي نجمه
محمود الشمايله

ما زالت القطعة النقدية الحديدة عالقة تحت المقعد في غرفة الجلوس منذ أكثر من أسبوع، عندما سقطت من يدي قلت لاحد ابنائي ان يلتقطها وهي له حلال زلال .
مرّ الاسبوع دون ان التفت للأمر لولا اني لم اسحبها بنفسي وحقيقة الامر ان اي من ابناء لم يهتم لامرها على اعتبار انها لا تساوي الجهد المبذول اللازم لاخراجها.

ذات طفولة امتلكت نصف دينار بكامل عافيتها chروة من جدتي بعد ان انجزت الكثير من الاعمال الشاقة .

حشرتها في جيبي وقبضة يدي تشدها بقوة ، مشيت في شارع الحي بزهو كبير حتى اني شعرت بالفارق الاقتصادي بيني وبين اقراني من صبيان الحي،،.
ولعل بعظهم لم يصدق اني امتلك كل هذه الثروة الا بعد ان شاهدها بأم عينه.

مقالات ذات صلة

صباحات اليوم التالي اشاع احد الطلبه امر النصف دينار ووصل الخبر لمدير المدرسة ، قام باستدعائي الى مكتبة للتحقيق ، كان الامر قاسيا جدا ، اخبرته بمصدر النصف دينار ولكنه لم يصدقني ، رجوته ان يعيدها ولكنه رفض رفضا قاطعا وأوشك على ضربي كي اعترف بالحقيقة بعد ان اتهمني بالسطو والسرقة على الدكان اليتيم في الحي .
طلبت منه ان يسأل جدتي ، فوافق بعد عناء واخبرني انه لن يعيد النصف دينار الا بعد معرفة الحقيقة من جدتي ..

وفي المساء اخبرت جدتي بما حصل في المدرسة واعلمتها باتهام المدير وان ابكي …
ابتسمت وهي تربت على ظهري ، قبلتني ثم قالت هذه نصف دينار أخرى لك وانا ساتفاهم مع المدير …

مضت الايام على عجل

زرت جدتي وهي ترقد في المستشفى ، كان ذلك قبل وفاتها باسبوع ، كنت اعتقد اني كبرت بعد ان انهيت دراستي وتوظفت في الحكومة ، ولكن جدتي دست في جيبي ورقة نقدية حمراء لتعيدني طفلا يعبث في حوش بيتها قالت هذه لك يا محمود .
قبلت جبينها وانا احاول ان اخفي دمعتي بعد ان اغرورقت عيناي ،،، ملأت قبضة يدي على الورقة النقدية وخبأتها في قاع ذاكرتي …. كي ابدو طفل..
وبعد وفاة جدتي بيوم واحد عرفت اني كبرت الف عام دفعة واحدة

ما اجمل قلوب الجدات ….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى