“مولينيكس” السياسة

مقال الثلاثاء 12-7-2016
النص الاصلي
“مولينيكس” السياسة
ما زلت أعتقد أن من أهم اختراعات القرن الماضي “خلاط الفواكه” التقليدي صاحب القامة الاسطوانية ، والغطاء المتعجرف كقبعة “الدوق”، واليد المعلّقة على خصره كزوجة متسلّطة ..فبرغم بساطة فكرته و يسر صناعته وسهولة تشغيله ..الا أنه يعتبر من وجهة نظري “النموذج” الأمثل في فهم السياسة في بعض الأحيان…
بعض الفاكهة تعتقد انها سيدة الموسم وتنتشي بغرورها بسبب الطلب المتزايد عليها أحياناً ، وسعرها مرتفع الثمن أحياناً أخرى ، وندرتها من جهة ثالثة.. فتعتقد أنها هي من ستتحكم بطعم ولون الكوكتيل الذي سيخرجه إبريق “الخلاط” ..لكن ما ان تقف أمام هذه الآلة حتى تبدأ بالتنازل عن صفاتها شيئاً فشيئاً…الخلاّط لا يقبل البرتقالة كاملة ، لذا لا بدّ من تقشيرها وتقطيعها…كما لا يقبل ان يدخل الموز بمعطفه ،”اشلح وخشّ”..الجزر الطويل والصلب..لا بد من تقصيره وتقسيمه ، “المنجا” اخلع “بذرتك الصلبة ” من قلبك وادخل..كما أن “نظام الخلاط” لا يقبل البطيخ بقشوره لذا عليه ان يتعرّى ويتفضّل..والشمام: استأصل كل بذورك التي كنت تحملها تحت الشمس طوال عمرك ،استأصلها من جوفك وانضمّ إلى زملائك المقشرين…الصبّار: لا مجال للشوك في كوب الكوكتيل المقدّم ..اخلع أشواكك العتيقة ، قص أظافرك الصحراوية ، اخلع جلدك السميك ، واسبح مع السابحين حتى لا يعرفك احد…وبعد دورة واحدة لفرشاة الطحن يمتزج الحامض بالحلو ،الصلب باللّين، الطازج بالمجفف، ليصبح سائلاً مكثفاً يحمل لوناً جديداً..لا تستطيع ان تميز فيه طعم البرتقال من الموز من البطيخ من المنجا من الشمام من الصبار …فالطعم الجديد امتزجت وتجانست فيه كل الخواص المتباينة ليقدم “كوباً” من كوكتيل التنازلات أمام السلطة التنفيذية …
***
من يقبل أن يدخل “مولينيكس” السياسة عليه ان يتنازل عن بعض خواصه..البعض سيقبل التقشير والتقطيع في سبيل الدخول ، والبعض الآخر سيضطر لخلع “معطف” المبادىء المُرّة خاصته ليدخل اللعبة، والثالث يجب انتزاع “معارضته” من جوفه ليصبح حلواً…والرابع لا بد من نزع أفكاره الإصلاحية، وقص أظافره الوطنية، وخلع فكره الخشن السميك..ليسبح مع السابحين…
القاعدة الفيزوسياسية: لا يمكن ان تدخل البرتقالة “الخلاط” وتخرج برتقالة…ولا يمكن تدخل البرتقالة خلاطاً..ويصبح الخلاّط برتقالة..

بالفواكه، بالانتخابات ، بالسياسة، بالفن…اشلح تنجح!.

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. السياسة تنزع عن المرء لباسه ليرى الآخرون سوأته …وهذا ما نشاهده ونلاحظه في الاشخاص الذين تبدلوا وتغيروا بعد دقيقة واحدة من اداء القسم
    وفي القرآن الكريم اقترن ظهور السوأة بالمعصية في قصة آدم عليه السلام … فهل نستطيع القول ان السياسة التي تجبر على أن يخلع مبادئه ويتخلّى عن رداء مواقفه ، وينزع عنه كل ما يؤمن به هي نوع من أنواع الخروج عن الصراط المستقيم ..؟؟
    أم ان السياسة والدخول في دهاليزها تكشف المرء على حقيقته ..؟
    ومن يرفض كل ذلك ….. فهو بذلك يرفض المعصية وما يتبعها من انكشاف السوأة … حتى لو كانت هذه المعصية نتيجة وسوسات شياطين الانس والجن ..؟
    القابض على مبادئه في هذا الزمان كالقابض على الجمر

  2. ومع كل تلك اﻻحباطات والمحبطات … نحتاج لرجل صالح يدخل مجلس النواب دون أن يخلع حتى نعليه … ويصرخ في وجه الباطل .. حتى لو كان صوتا واحدا …وأعني بذلك الشيخ محمد نوح .. أتمنى أن يكون هو الرجل الصالح

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى