موسى حجازين .. فرح في زمن التجهم / زكريا النوايسة

( موسى حجازين .. فرح في زمن التجهم )

” لا تذهب بعيدا يا موسى … ”
——————-

لا أدري لماذا كلما قست علي الحياة – وهي قاسية في معظم أوقاتها – تذكرت موسى حجازين وشخصيته الرائعة أبو صقر؟ وهي شخصية تضطرك بكل كيانك وذاكرتك أن تيمم وجهك نحو الجنوب لعلك تصدف أبا صقر معتمرا كوفيته و(مريره ) بطريقته المحببة التي حتما ستدفعك للابتسام وربما للقهقهة بصوت مجلجل.

قد يكون الفنان موسى حجازين عمل كثيرا على شخصيته الأولى ( سمعة ) ، والتي تمثل بصمة عامة لا تحسب على جهة أو منطقة بعينها ، وإن كانت أقرب الى تلك الشريحة البسيطة والطيبة التي تأتي متأخرة في سلم مكونات مجتمع المدينة ، إلا أن شخصية ( أبو صقر ) الشاب الكركي المندفع والمتحمس والطيب ،استطاعت أن تبرز لنا جوانبا رائعة من شخصية الأردني من غير ساكني المدينة ، الذين استأثروا بالحضور الأقوى في الدراما الأردنية على مدى فترة طويلة .

ربما نحن من شعوب قلائل ما زالت تعيش رواسب ماضٍ كان يعتبرالابتسامة والضحكة عملا ينتقص من هيبة فاعله ، حتى وصل الأمر ببعضنا الى الدخول في حالة طقوسية معقدة ليمارس بعض الفرح ، وكل ذلك حتى لا تضيع هيبته أمام ( الحرمة ) ،أو أمام الأولاد ،أو أمام جارٍ هو نفسه يمارس ذات الطقوس.

إن هذه القضية تدفعنا للبحث في تكوين شخصية الأردني ، وتقصي العوامل والأسباب التي تجعل من هذه الشخصية تعيش في فلك التجهم ، فحين يعزو البعض ذلك ألى طبيعة تركيبة الوطن الأردني الذي يعيش شحا في الموارد يزيد من حدته الترنح الاقتصادي غير المسبوق ، يرى آخرون أن المواطن الأردني يعتبر الأكثر تأثرا بالحدث السياسي في المنطقة ومن المنطقي أن تترك صدمة هذا الحدث وذيوله أثرها في هذه الشخصية ، ومع ايماننا بحجم التأثير الكبير الذي تتركه هذه العوامل إلا أن ذلك ليس مبرراً أن نلغي الابتسامة من قاموسنا ، وحتى لا يغضب منا المتجهمون بالفطرة فإن بعض الضحك لا يعني فرحا ، ولعل ابتسامة حملت من الأسى والحزن أكثر مما حمله نهر من الدموع .

ليسمح لي الفنان موسى حجازين أن أغيّبه قليلا ، ليكون حديثي مع ( أبو صقر) ، هذا القروي الرائع الذي أعاد لخلايا الضحك عندي نشاطها وحيويتها ، ونشلني من بئر تجهمي ورسم على فمي ابتسامة أُعلنها على الملأ دون توجس , فيا أبا صقر في زمن الأسعار التي ما عاد لها سقف ، وفي زمن التردي السياسي والدجل الديمقراطي ، والقهر والحزن الأنيق الذي نمارسه كل يوم ، نحتاج الى مساحة من فرح ، أو لمجرد فسحة ننزع فيها فتيل لحظة قهر وانفجار قاسية ، يا أبا صقر نريد أن نفرح ،نريد أن نحرق ثوب حزننا ، نريد أن نخرج من جلدنا المتجهم ولكن كيف؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى