موسم الهجرة “من” البلاد / د . مروان الشمري

موسم الهجرة “من” البلاد

فيسبوك يستمر في طرح اقتراحات صفحات معينه يوميا، منذ اسبوع وهو يقترح صفحات ( مكاتب هجرة، هجرة الى…، هاجر مع عائلتك، مكتب كذا للهجرة، الجالية الاردنية في دولة كذا وكذا، استفسر عن فرصك في الهجرة الى كذا دولة) وهكذا، الملاحظ في كل هذه الصفحات هو ان نخبة من الأصدقاء والمعارف المميزين جميعهم قاموا بعمل إعجاب لهذه الصفحات وهو الامر الذي يخبرك بحالة اليأس التي طالت كثيرا من شبابنا حتى بعض الذين ما زالوا ناشطين في مجالاتهم،
حالة اليأس والاحباط هذه تشاهدها أيضا في صفحات طلاب الجامعات في مختلف المستويات ويعبر عنها الولع بالهجرة والسفر ولك ان تتخيل انني شخصيا شاهدت عبارات كتبها الطلبة وخيرة شبابنا مثل ( سقالله وإني ملوح بيدي من شباك الطيارة) ( وبداية تحقيق حلمك هو يوم خروجك) و( اللهم هجرة لا عودة بعدها أبدا)،
وفِي بعض تلك الحالات تسال لماذا يا شباب فيجيبك بحزن انه لا مجال له للعمل في عمان بعد ان احتكرت لوبيات السلطة والمتحالفين معها من منظمات او أشخاص او مجموعات كل الفضاءات التي يحلم الشاب الأردني بدخولها ليبدأ حياته بشكل طبيعي، هذه الظواهر هي بداية لمرحلة تسمى الانكفاء والانسحاب التدريجي والذي ان حدث واكتمل فسنجد أنفسنا امام وضع غير اعتيادي البتة، فيه تنسحب وتنكفئ القوى الشبابية ورأس المال البشري الأهم وهو ما سيحدث خللا جسيما في بنيوية الدولة وعناصر حيويتها وديمومة البناء فيها، ناهيك عن الاثار السيكولوجية التي تولدها ظاهرة الهجره والهروب من اللافرصة واللااعتراف بشبابنا وقدراتهم خصوصا من لم يكن من اصحاب الحظوة.
تمسك الحكومات بالآليات القائمة في مسائل حيوية كدفع عجلة الاقتصاد وتشجيع الشباب على الانخراط الإيجابي وتحفيز الاعمال الصغيرة والمتوسطة وتشجيع العمل السياسي البرامجي والتواصل مع الجامعات والتي ثبت فشلها سابقا وتكرر الفشل مرارا امر غريب في ظل تنامي ظاهرة الرغبة في الهجرة، واستمرار الحكومة بتجاهل مؤشرات الحركات والظواهر الاجتماعية امر اكثر غرابة لا يمكن تفسيره الا بتوكيد حالة الانفصام التي تصيب جسد الحكومة ومؤسساتها وعدم قدرة مؤسسات الرصد فيها على تقديم نصح موضوعي فيما يتعلق بما يرونه ويرصدونه يوميا.
هذا الغياب مرتبط بشكل رئيسي بأمرين هما صفرية الانتاج الفكري لحكوماتنا المتعاقبة والدليل فشلها الذريع في حقل الريادة والابداع وتنميتهما وتشجيعهما وتطوير وتحفيز الاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات وضعف استخدامها وتوظيفها لزيادة كفاءة العمل الحكومي، وايضاً عدم وجود رغبة حكومية حقيقية في معالجة أسباب الفشل الحكومي في ملفات حيوية وابتعادها أكثر فاكثر عن بؤر ونقاط الاتصال المجتمعي وخصوصا مع المجتمع الشبابي، وفِي احيان كثيرة تجد ان بعض ازلام الحكومة والمحسوبين عليها والمتنفعين منها ومن هيئاتها لا يكتفون فقط بالاستمتاع بما وصلوا اليه من حالة غير مستحقة وما يرافقها من امتيازات وإنما يحاولون سحق اي محاولة فردية شبابية لاختراق حاجز الرتابة والصمت للمطالبة بحقوق من المفترض انها مصونة دستوريا. اللهم اشهد أني قد بلغت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى