موازنة 2017 بين الواقع والخيال / سلامة الدرعاوي

موازنة 2017 بين الواقع والخيال

واضح من البيانات الرسمية أن ميزانية 2016 لم تحقق فرضياتها، وخالفتها في الكثير من التقديرات، كما أوضحنا في المقال السابق بعنوان ماليا.. كيف كان الآداء في سنة2016؟، والذي أشار بوضوح إلى تنامي الفروقات بشكل سلبي بين ما هو مقدر وماهو فعلي على جميع الأصعدة تقريبا.
في 2017 تتوقع الحكومة أن يقفز النمو الى 3.3 بالمائة، وهو أمر يكاد يكون مستحيلا في ظل حالة عدم اليقين التي تسود المنطقة، والتي تشير ملامحها الأولية إلى استمرار حالة العنف في المنطقة وتصاعد الاعمال الحربية في كل من سوريا والعراق.
وهنا نتساءل ايضا عن الاسس التي اعتمدتها الحكومة في تقديراتها لنمو الصادرات الوطنية بنسبة 6.5 بالمائة، علما أن هذه النسبة هي ذاتها التي جرى تقديرها للصادرات عند وضع ميزانية 2016، ومن ثم تراجعت الحكومة عنها في إعادة التقدير التي كشفت هبوط الصادرات بنسبة 4.5 بالمائة.
لكن التحدي الأكبر لميزانية 2017 هو في بند الايرادات المحلية، حيث أشارت مسودة القانون الى نمو الايرادات المحلية بنسبة 16 بالمائة بالمقارنة عما تحقق في اعادة التقدير لسنة 2016، والحقيقة ان نسبة النمو كبيرة للغاية، وحتى المتفائلين لا يتوقعون تحقيقها في ظل تنامي حالة التباطؤ الشديد للاقتصاد الوطني وضعف الانتاجية على مختلف القطاعات.
فالايرادات الضريبية سترتفع في سنة 2017 بقيمة 865 مليون دينار عن عام 2016، أو ما نسبته 19.9 بالمائة، وهذا الامر مرتبط بالقرارات الحكومية المرتقبة والتي لها علاقة مباشرة مع اتفاقها مع صندوق النقد الدولي والذي يقضي زيادة الايرادات المحلية ببواقع 450 مليون دينار في سنة 2017، وهو ما يحتم عليها اعادة النظر في الرسوم الضريبية على العديد من السلع والخدمات ورفعها الى مستوى 16 بالمائة، والتحدي في الوصول الى هذه الارقام يكمن في أن أي عمليات رفع نسب الضريبة على السلع قد يؤدي الى تراجع ثقة المستهلكين بالاسواق وهبوط عمليات الشراء بكافة انواعها، ما يساهم في ضعف دوران الانشطة الاقتصادية وبالتالي ضعف التحصيلات الضريبية للخزينة، وهذا امر وارد بشكل كبير من الناحية الاقتصادية البحتة.
فرفع نسبة التحصيل الضريبي من ضريبة الدخل في سنة 2017 بواقع 93 مليون دينار او نسبة نمو 9.8 بالمائة هو ايضا امر صعب في ظل تراجع ربحية الشركات الكبرى الرئيسية في قطاعات الاتصالات والتعدين الخدمات الرئيسية والتي جرى الافصاح عنها في بورصة عمان حتى الربع الثالث ، والتي اشارت في مجملها الى هبوط ربحية هذه الشركات بنسبة 11.2 بالمائة.
والأمر لا يختلف بالنسبة لضريبة المبيعات التي قدرت الميزانية نمو بنسبة 9 بالمائة، فهذا له ارتباط كبير في الحركة التجارية المحلية وثقة المستهلكين في الأسواق ومدى تدني الاسعار الذي يخالف تقديرات الميزانية التي تشير الى ارتفاع التضخم لسنة 2017 بنسبة 2.3 بالمائة، اي ان هناك موجة ارتفاع في اسعار السلع والخدمات، وتقديرات نمو بيع العقار بنسة 17 بالمائة هو كذلك ضرب من الخيال في ظل المعاناة الكبيرة التي يعانيها مستثمرو قطاع الاسكان والمحددات التي تحد من استمرارية عمل الكثير منهم.
في النهاية، واضح أن فرضيات 2017 بالنسبة للايرادات والنمو والتجارة الخارجية تتشابه مع موازنة 2016، والتي ثبت رسميا فشلها، فهل يتكرر المشهد في العام المقبل؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى