من يلعب ال “ليغو” في العالم العربي ؟ / يوسف غيشان

من يلعب ال “ليغو” في العالم العربي

نشكو دوما من مؤامرة عالمية تسعى الى تقسيمنا وتجزئتنا، لا بل أننا نعتبر ان معاهدة سايكس – بيكو بين فرنسا وبريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى ، هي التي قامت بتجزئتنا وتحويلنا الى دول ودويلات وإمارات وممالك، لكأننا كنا قبل ذلك دولة واحدة وموحدة ومستقلة، والواقع ان الحكم العثماني هو من فرض علينا التوحد على شكل ولايات في امبرطوريته، وقبل ذلك لم نكن سوى مدنا متصارعة تحت حكم المماليك البرية والبحرية والجوية.
الواقع والحقيقة هو أن الدول الكبرى ذات المصالح الكبرى تسعى دوما وراء مصالحها اٌقتصادية والإستراتيجية ، ولا يهمها الدين ولا العرق ، ولا يهمها التجميع أو التفتيت . سعيها اولا وأخيرا وراء الموارد ومعايير الربح والخسارة اقتصاديا واستراتيجيا.
اعتقدت بريطانيا في وقت من الأوقات، ان مصلحتها أن تجمّع الدول العربية في هيئة ما، ليسهل استغلالها والسيطرة عليها (قلم قايم)، لذلك ساعدت على بناء جامعة الدول العربية ، وضم الدول العربية المستقلة اليها، لا بل ومنح الإستقلال لبعص المناطق، حتى تنظم لجامعة الدول العربية .
بريطانيا وأمريكا وقفنا ضد الوحدة السورية المصرية عام 1958، لأنهما خشيتا على تأثر مصالحهما اٌستراتيجية من طموحات عبد الناصر، لكنهما وقفتا وشجعتا الوحدة الهاشمية بين العراق والأردن، في ذات العام، لأن ذلك كان سيعزز مصالهما في ذلك الوقت.
ساعدت ايران علي عبدالله صالح في اليمن على تحقيق الوحدة اليمنية بين شطري اليمن عام 1990، وحينما حصلت المشاكل بين شطري اليمن عام1994 حافظت الإدارة الأمريكية على موقفها في دعم الوحدة اليمنية آنذاك. في الوقت الذي كانت فيه العربية السعودية مع التقسيم وضد الوحدة، لأن مصالحها كانت تتطلب ذلك، وهذا يعني ان نظرية التوحيد والتفكيك ، تخضع لمصالح الدول الأكبر ، ولا يتم التفكيك او التوحيد لمجرد التفكيك او لمجرد التوحيد.
عبد الناصر شخصيا، زعيم الوحدة العربية في زمنه، وقف ضد الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم عندما حاول ضم الكويت الى العراق بعد استقلالها بداية ستينيات القرن المنصرم. الدول تلعب الليغو – مهما كانت عقائدها- والهدف هو انهاء اللعبة – لعبة الليغو للفك والتركيب- لصالحها.
المقصود من الكلام كله، ان ننظر الى الأشياء ضمن هدفها الحقيقي ومعناها الصحيح ، وليس حسب رومانسيات وحدوية، نعتقد ان العالم يتآمر علينا من اجل ان لا نتوحد، بينما نحن من يتأمر على ذاته ، ونتقاتل من اجل تجزئ انفسنا اكثر وأكثر، ونسعى لأن يكون كل مواطن في العالم العربي هو دولة بحد ذاته.
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى