راحوا الطيبين / لميس قشوع

راحوا الطيبين

في كل مره كان يجلس ليقص علينا موقفا أو طرفه حصلت معه قديما، كان ينهي جملته غالبا ب “راحوا الطيبين يابا”، مسبقها بتنهيده مواريه الكثير من الغصة..
لم يتأخر الوقت كثيرا حتى أدركت المعني الحقيقي لهذه الجملة ،فالآن فقط بت أعرف ما كان يقصد بها تماما.
ففي زمن سابق لزمننا الذي نعيشه،كان العالم كبير وقلوبنا متراصه، أما الآن فبات العالم يسمى قرية صغيرة وكل شخص في عالمه المختلف.
الطيبين هم البسطاء ،الذين لم يغوصوا في زوبعة التكنولوجيا وعالمها المعقد.
في زمن الطيبين يابا ،عندما كانت الناس عزيزة والقرش رخيص وليس العكس ،كانت المنازل عامره دوما بالناس ولا يحتاجون لإذن مسبق للزيارة ،إذ كانت رائحة القهوة ملازمة للبيوت دائما.
الطيبين هم الصبورين، من كانوا يسهرون بالايام منتظرين قدوم رسالة لايعرف موعدها
هم من خلقوا الرقي بالحب وهم يزينون الشرفات منتظرين مرور الحبيب.
هم المتذوقيين للفن من كانوا ينتظرون أشهر حتى يسمعون أغنية الست أو العندليب الأسمر
في زمن الطيبين كان الطالب يخاف من معلمة، بقدر خوفه من أبيه
كانت الشوارع ينبض فيها الحياة عندما ينزلوا أولاد الحارة للعب الحجله و الغماي وكرة القدم قبل أن يحجر الآيباد عقولهم وأجسادهم.
في زمن الطيبين كانوا يتحوطون حول طبق واحد كل يوم
فلا يستسيغوا طعام الkfc و macdonald والوجبات المعدومة النكهة ولكن يستلذوا بنكهة الخبيزة الملقطة طازه وطبخها ثم التحلاي بحبتين تين عن الشجرة.
هم من مشوا متوجين بالعقال ومتفاخرين به قبل ظهور رابطة محبي الخصر الساحل..

راحوا الطيبين جملة تخفي جمال الماضي والخيبة بالحاضر.. أما نحن فأصحاب الحظ القليل الذين ولدنا في زمن منزوع البركة خالي من دسم الفرحه والهدوء واللمه
مليء بالضغوطات والتعقيدات والأعباء
وكما ألف زيارد الرحباني وغنت فيروز “في ماضي منيح بس مضى صفى بالريح بالفضا”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى