من ذاكرة chتماوي… القُبْعَة والمchفية / جمال الدويري

من ذاكرة chتماوي… القُبْعَة والمchفية

ونحن في موسم العكوب، هذه النبتة البرية الرائعة، التي لا يشاركها ولا يشبهها نبات اخر بالطعم والنكهة واللذة، قفزت الى واجهة الذاكرة، صور وأشرطة فيلمية ليس ببهائها او شبهها مرئي او مسموع بالمطلق.
اسراب من صبايا ويافعات القرية، نشميات بعمر الورد وعدة مواسم عكوب، مثل صغار الظبا والريمات المياسة، وهن عصرا، برحلة العودة من طوق chتم الجبلي القريب، وقد حملت كل منهن على رؤوسهن، قبعة او مchفية معرمة من العكوب، مرتبة بعناية ودهاء، الى قمم عالية، تفيد بوفرة الجنا ومهارة صاحبتها وشطارتها بلقاط العكوب وتفوقها على رفيقاتها، ولو اننا عرفنا في عمر متقدم من الخبرة، ما باحت به بعض الصبايا من اسرار رحلات العكوب، بأن بعضهن كن يراكمن في هذا الوعاء النصف مخروطي، بعض الأعشاب والنباتات الأخرى، تحت العكوب، حتى يظهر الوعاء اكثر امتلاء ومنافسة للزميلات المعكبات (المعدلات).
وبعد ان عجز قوقل وأخواته، عن تعريف ووصف القبعة والمchفية، عنوان هذا النص، او عرض صورة لها،فلا بد لي من استخدام ذاكرة الموروث عندي، لشرحها للشباب الذين استفاقوا على الهام…بورغر، والبيتزا والدونات، ولم يواكبوا عصر الزمن الجميل.
هي اوعية من القش الملون الدائرية الحلقات، على شكل نصف مخروط، كانت تحملها الصبايا والنسوة فوق الرؤوس، وتحمل بها بالغالب، الجنا البري بأشكاله والوانه. وكن المعدلات من هذه الجماعات الأنثوية، يحملن هذه الأوعية على الرؤوس، دون الاستعانة بالأيدي، بتركيز عالي يحميها من السقوط، بمبالغة بالتنافسية واستعراض الخبرة والشطارة. والقبعة هي ابنة المchفية، حجما وسعة.
وكانت اسراب الشباب الذي يمثل الاجتهاد بمطالعة الدروس والاستعداد لامتحانات دائمة، تربض في الجنبات وفوق السفوح، وأطراف الطريق الترابي الوحيد الرابط بين منابت العكوب والقرية، يتربصون مثل قناص حذر، عل احدهم يظفر من احدى الريام العائدة من المراتع الى المهاجع، بلفتة او نظرة او ربما تحية حيية او حركة من يد، تشي بمشروع تحية وسلام، او كما يريد احدهم فهمها، يجعلونها فيما بعد، قصص نجاح غرامية ومنافسة عناترة الأحياء والقرية وأقياسها، وطول باعهم بالغرام واستهواء الجميلات، بطهارة وعفة السالفين، الذين لم يسحل لهم خصر بنطال، ولم يهرقون يوما كلما خادشا للحياء والذوق والأدب، او يخرقون عهود الدم والجيرة والتربية الفاضلة.
كنا نشتم رائحة العكوب عندما يصبح سرب الجنايات المقترب، على مرمى حواسنا المنتظرة المتربصة، وروابضنا وطلائع فرق الملاحظة والاستخبار، التي تسارع لاعلامنا بساعة الصفر عن بعد، بصفير خجول مخنوق، احترازا الا تجفل الظباء المقبلة، وويل للرماة وضباط الملاحظة والاستطلاع، من بقية جيش الشباب، ان هم نزلوا عن احد قبل الأوان، او هم مرروا احداثيات رصد خاطئ. وهناك منهم من كان يخاتل الجمع المستنفر، بمعلومات خاطئة مقصودة، يجني منها شر الجزاء والعقاب تصل احيانا لسلخه بضمم القريص اللاسع والشلاليط، من موقع المعركة وحتى مشارف القرية.
حتى اجترار هذه الذكريات العسيلة والبومات صورها من مستودعات الوعي واللاوعي السحيق في القدم، الباقية بقاء العمر وبقية من شباب عتيق، قد اصبح هرمونا محفزا للسعادة والفرح، واثبات ان احدنا ما زال على قيد الأمل وحب الحب.
واقول للزمان ارجع يا زمان.
ملاحظة: حبذا لو نشر لنا صديق او مهتم، صورا لهذه الأوعية القشية الجميلة موضوع حديثنا، ما استطاع اليها ايجادا وسبيلا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى