مناضلو اللايكات / يوسف غيشان

مناضلو اللايكات

عادة ما أتجاهل حملات التوقيع للاحتجاج على شئ ما، او الموافقة على فكرة ما ، تماما كما اتجاهل طلبات التصويت لشاعر المليون الفلاني وروائي البنطلون العلنتاني …هذه نضالات مجانية تعطي المشارك بها وهما مزيفا بالبطولة والسؤدد ، وبأنه قد قام بالأعمال الموكولة اليه خير قيام ..ويستحق نجمة ذهبية على أرنبة انفه.
أعجبني أحد شباب الفيسبوك ، فقد أنشأ هذا الشاب مجموعة بعنوان (جمع مليون توقيع، ما بعرف ليش). لم أشترك في المجموعة ولم افتح الصفحة ، لكن أعجبني العنوان لأنه يقدم نقدا متوهجا وجارحا لأساليب النضال الفيسبوكية التي تعتمد على جمع التواقيع ..وهي عبارة مطاطة، وبالتأكيد لن يوقع احد، بل إن الجميع يقترف مجرد (لايكات) فارغة من المعنى والمبنى.
المحزن في الأمر أنك عندما تضع (لايكك) للمشاركة في حملة (جادة) مثل وضع شعار رمضان على الفيسبوك أو مقاطعة سلعة ما، أو مطالبة بطرد سفير ما، أو دعم وضع اسم فلسطين على الخارطة، أو مقاطعة الزبدة الدنماركية أو غيرها ..المشكلة ليست في الموضوع بقدر ما هي في ذك الرضى وتلك الطمأنينة التي تكتنفك وأنت تعتقد أنك ناضلت من أجل شيء ما.
إنه ارخص نضال في العالم ،وهو يعطينا احساسا مزيفا بأننا نشارك في صياغة العالم من حولنا ، مع أننا في الواقع نحيا على هامش الهامش . وقد يكون مثل هذا النضال مبررا للمواطن الأوروبي أو الأمريكي ، الذي استكمل معظم اجراءات ديمقراطيته ، ولم تعد الحكومات تجترئ على حقوقه، الا في حالات استثنائية (عندنا، الاستثناء هو القاعدة)، وبنى منظومة شفافية ضد الفساد وضد جور الحاكمين، ثم جلس مرتاحا ليمعط اللايكات على راحته، إن شاء.
أما نحن – يا حسرة – فإننا نحتاح الى أن نعمل 50 ساعة في اليوم حتى نلحق بركب العالم بعد ثلاثة عقود أو أكثر ، لا أن نجلس على جاعد الاسترخاء ونشرع في سمط اللايكات والتوقيعات الالكترونية، ثم نرفع انوفنا في الفضاء دلالة على الشمم والمجد والسؤدد والأبصرشوووووووووووووووو.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى