ملعون على سبيل الاحتياط / يوسف غيشان

ملعون على سبيل الاحتياط

لم يعد مصطلح (طعة وقايمة) يكفي لتوصيف حالتنا ، ولا مصطلح(طاسة وضايعة) ولا غيره وغيراته، فقد تجاوزنا مرحلة المصطلحات المتداولة منذ نشأة اللغة العربية حتى تاريخه.القديم يحتضر والجديد لم يولد بعد، وها نحن….. شعب يعيش أزمة مصطلح وأزمة مفهوم وأزمة ثقة.
على الأغلب تعرفونها قصة ذلك الرجل الذي أستوقفه سائح أجنبي ، وسأله بلغة غير العربية عن مكان ما، كان ينوي زيارته، استمع الرجل للسائح ثم قال له:
– والله ما فهمت ولا حرف من اللي قلته، لكن احتياطا، يلعن ابوك انته.
والمسبّة هنا مخففه عن تلك الواردة في النسخة الأصلية من النكتة الشعبية المتداولة ، وذلك لأسباب تعلمها الإدارة.
هذا ما يحصل عندنا في السياسة والإقتصاد والإجتماع ، نتكلم مع بعضنا ونحتج ضد بعضنا ، ولا يفهم أحدنا على الآخر ، فلا يجد أمامه سوى أن يقول:
– والله ما فهمت ولا حرف من اللي قلته، لكن احتياطا، يلعن ابوك انته.
هذا ما حصل منذ بدايات احتجاجات الربيع الأردني ، حيث كانت المظاهرات سلمية ، تطالب بالخبز والديمقراطية ، لم تفهم الحكومات على الشباب الذي يعاني من الفقر والبطالة ، وهو يدرك تماما ان الفساد هو الذي يحرمه من حق العمل والمسكن والتعبير عن الذات. يحصل الشاب على شهادنه الجامعة ، ثم يفشل في الحصول على حائط ليعلقها عليه.
فما كان من الحكومات الا ان شرعت في توزيع العصير والماء لجرد أصوات الشباب ، لكنها لم تفهم رغم ذلك ، ورغم ارتفاع اصواتهم. فما كان من الحكومة المناوبة آنذاك، الا أن عصّبت عليهم وقالت:
– والله ما فهمت ولا حرف من اللي قلته، لكن احتياطا، يلعن ابوك انته.
لكنها- اقصد الحكومات – لم تنس قبل ان تدير ظهرها لمطالبهم ان تغمز خلسة بعض قياداتهم وتعدها بالسمن والعسل، وتنفذ بعض وعودها ..وهذا ما حصل، في 2011ثم تكررفي 2014 وأعيد تكراره في النصف الأول من 2018وسوف يتكرر في النصف الثاني منه، وسوف يستمر في التكرار في السنوات القادمة لكأنه طائر الفينيق معكوسا.
عزيزي القارئ ، أتمنى ، وبعد ان تقرأ مقالي ، أن لا تقول لي :
– والله ما فهمت ولا حرف من اللي قلته، لكن احتياطا، يلعن ابوك انته.
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى