ملائكة الفيس بوك / علي الشريف

ملائكة الفيس بوك
علي الشريف
اليوم عند الصباح ذهبت لشرب القهوة كالعادة عند امي وكالعادة ايضا لنتجاذب اطراف الحديث حول اخر المستجدات كون الحجة اطال الله عمرها تجلس على اريكتها وترفع صوت التلفزيون للاخر حتى تسمع ما يدور بالبلد وحول البلد.
دخلت تناولت الريموت وقمت بتخفيض الصوت قليلا فسالتني شو كاتبين على الفيس بوك بقولوا شالوا الملقي امي دائما تستبق الاحداث والتوقعات ولكن الغريب ان لها اهتمامات فيس بوكية واخشى ان تكون قد انشات صفحة باسمها لتبادل الاراء من نسوان الحارة حول الاحداث .
قلت لها ما شالوه فانه باقي ويمتدد لكنها شددت ان الملقي شالوه واكدت وطالبت مني ان اتفصح الفيس بوك فهو اصدق انباءا من الصحف وهذا يعني ان وجه الكتاب اللعين هذا بات ياخذ مصداقية كبيرة لدى الناس حتى ان من يكذب الكذبة فيه يصدقها بل يؤكدها..
لا شك ان الفيس بوك في الاردن بات يمثل خيارا استراتيجيا ويتحكم بالمزاج العام لدى كافة الناس ذلك لعدة اعتبارات اهما ضياع الراي الاخر لدى الاعلام الاردني وعدم اقتناع الناس باذرع الحكومة الاعلامية اضافة الى عدم المصداقية بشكل كبير وهو ما دفع الناس للتصفح والتعبير هناك؟
في الفيس بوك قصص وحكايات فلا يكاد مواطن اردني الا وله بدل الصفحة اثنتين وبدل الصديق المئات وربما الاف والمصيبة ان البعض يعتقد انه اذا ما كتب ادراجا فان الاردن ستقرا ادراجه فتراه يمشي ويعتقد ان كل الاردن تنظر اليه بينما لا يقرا منشوره الا هو وربما مثل حكاياتي امه واولاده .
تكون مارا في الشارع فيناديك زعبوب …. كيفك استاذ شفت كيف شمطهم مبارح والله جبت 20 لايك “حزاة العين اللهم لا احسد اقول في نفسي ” فيرد الاستاذ الذي هو انا اه شفت والله انك بدعت طبعا انا شاهد ما شافش حاجة
ينتشي زعبوب وتمر الايام لتتلقيه مرة اخرى فتساله”شو اخر شمطاتك فيقول بطلت اكتب الجماعة منعوني ” مين الجماعة اقول انا ؟يرقع حاجبه اليمن ويخفض الشمال ثم يلوق رقبته ويشير الى جهة ما بطرف عينية ويقول الجماعة فافهم من حركاته انها دائرة الاحوال المدنية؟والله الزلمة بدو بخور خزاة العين يعني الجماعة تركوا كل هالفساد والبلاوي والارهاب وامن البلد وقعدوا يتفرجوا على منشورات الزعبوب.
تواصل المسير يلتقيك شخص يسلم عليك وهات يا بوس ثم يقول لك والله انا بتابعك بس ما بشارك معك لانو وضعي حساس ؟ والله فكرته مؤلف كتاب الفساد في البلاد ابو وضع حساس .
ياتيك اخر يا اخي والله موتتني من الضحك مبارح ويقول غيره يا رجل لا تخبص صرنا نخاف عليك ، بينما يمر غيرهم ويشيح بنظراته عنك فتكتشف بانك كنت قد طعجته ببوست ناري طير اللايك من عيونه .
والمضجك المبكي حين يعاتبك صديقا لانك وضعت لايك او تعليقا على منشور لشخص لا يحبه وربما كانت انتهت الصداقة نهائيا لو قمت بمشاركة للمنشور .
القصة الانكى والامر تدخل الى الفيس بوك تتواصل مع اشخاص فتعقد انك بالمدينة الفاضلة وانك تتعامل مع ملائكة ثم تذهب الى الواتس اب مع نفس الجماعة فتعقد انك بسينما ريفولي ايام الخير .
تذهب الى تويتر لراحة البال فتجد شبيحة البلد هناك تعود وترجع الى الفيس بوك لمناقشة امر ما من باب حرية الراي والراي الاخر فتجد الاطراء والمديح حتى تعتقد انهم سيخرجون من الشاشة لتقبيلك وكثيرا ما تسمع من البعض اطراءا مختلفا مثل حمار او انت عنصري وانت متحيز غير منور وكبير وشيخ .
الفيس بوك او مواقع التواصل الاجتماعي قادتنا الى حالة من الانفصام الاعلامي المفاجيء والمستعصي عن الحل فمن يريد مديحك يسلخك لايك ومن اراد معاقبتك بالفيس يحرمك منها بكل قساوة قلبه ويمكن له ان يقيم الحد عليك بوضعك تحت الحظر.
والاغرب الان ان كل ثوراتنا باتت على الفيس بوك واحلامنا على الفيس بوك وقلوبنا على الفيس بوك واستعراضنا هناك وعنصريتنا لا نبثها الا فيه وشبيحتنا على تويتر بينما شعورنا برجولتنا هو على الواتس اب بينما انستجرام وسناب شات هاي تركناها للجاهات والعطوات المستقبلية حين يكتشف الزوج ان زوجنه كانت “بسه على السناب شات”ويقوم بتطليقها بينما تحرد هي ان امسكت به يقوم بفيديومباشر على انستغرام او فيس بوك.
خلاصة الامر اعيدوا لنا واقعنا فالوهم جزنا من الوريد حتى قمة الوريد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى