مكانك سر / أحمد المثاني

مكانك سر
بعد هذه السنوات من العمر ، و دخولي العقد السابع ، فمازلت ، منذ وعيت ، و أنا أتذكر نصائح و مواعظ .. و أسمع خطبا سياسيا و خططا اقتصادية ، و أحاديث و مناقشات و طروحات .. مازالت هي هي !!

.. ففي رمضان ، من حيث شكليات العبادة
و الإقبال بأول رمضان على المساجد و صلاة التراويح .. و خطب الأئمة على حقيقة الصوم ، و تحقيق الغاية منه ” لعلكم تتقون ”
لكنني لا ألمس إلا مظاهر .. بيوت مزينة و أصحابها قد لا يصلون .. و مصلون جاءوا
للصلاة من غير خشوع .. و أناس يضيق صبرهم في البيع و الشراء .. و في المرور
و موظفون كسالى ، أظناهم السهر في المقاهي ، و ارتياد السهرات و شرب
” الارجيلة ” .. و أسمع خطباء يدعون لعدم المبالغة في الطعام و الشراب .. و أجد الناس و الخطباء ذاتهم .. قد ضاقت موائدهم بأصناف الطعام .. !!

.. أسمع الكل يتشكّى من اختلاف أخلاق الناس في هذه الأيام .. و يحدثونك عن أيام زمان ، و أخلاق الناس زمان .. لكنهم هم ذاتهم من يزاحمك في الطريق ، و هم ذاتهم من يتبادلون الشتائم و بعث الأحقاد .. هكذا و لأتفه الأسباب .. هم ذاتهم من يلقي بالنفايات و يحدثونك عن النظافة .. و تقصير البلدية .. و عمالها ، يحدثونك عن التسامح وهم ذاتهم يتشاجرون في المسجد على مكان وضع الكرسي .. أو فتح و إغلاق
جهاز التكييف في المسجد !!

أسمع أناسا تحدثك عن تقدم الغرب ، و حبهم و احترامهم النظام .. و هم بالذات
أول من يخترق القوانين ، و يتجاوز على الحقوق ، بعنجهية و تحدّ لعباد الله ..
و يدفعون بأنفسهم أول الصف في مخبز أو متجر أو دائرة أو حتى الصف الأول في الصلاة .. ! هكذا دون حق أو احترام ..

مقالات ذات صلة

.. ما لي أرى و أسمع و أقرأ .. فأجد أمما و شعوبا قد تقدمت .. و تحضرت .. و بلغت شوطا في مضمار الحضارة ، علما و ثقافة
و تنظيما .. و معرفة و تسليما بالواجبات قبل الحقوق .. و أجد قومي مازالوا في المربع الأول .. لا بل أجد نكوصا نحو جاهلية .. أو رجوعا إلى ظلامية بعض العصور ..
قد تقول انظر إلى المدن كيف علا بنيانها
و انظر إلى السيارات و المقتنيات الحديثة ، و ما نحن فيه من مظاهر الثراء .. لكنني أقول و للأسف ، لم نصل إلى مستوى الإنسان المتمدن و المتحضر .. و لم تنتقل مجتمعاتنا من قوقعة الذاتية إلى أفق العالم
الذي تقاصرت أطرافة .. و صار ناديا للأقوياء .. و للأمم المنتجة .. التي تسخر العلم لخدمة الإنسان .. و نحن مازلنا نعيش عالة على غيرنا .. حتى في رغيف خبزنا

الكون في حركة .. العالم سريعا يتغير
و نحن مازلنا مكانك سر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى