مقتل صالح الصماد وقواعد اللعبة في اليمن

مقتل صالح الصماد وقواعد اللعبة في اليمن
تاج الدين عبد الحق – رئيس تحرير شبكة إرم الإخبارية

قد لا يكون صالح الصماد، الذي قُتل في غارة للتحالف العربي، هو الأهم أو الأقوى بين القيادات الحوثية في اليمن، لكن مصرعه المثير يعكس مدى الضعف الذي ينخر صفوف الانقلابيين، إلى درجة تهدد أمن قياداتهم، وتجعلهم صيدًا سهلًا لقوات الشرعية أو طائرات التحالف.

الصماد في المعايير السياسية بمثابة رئيس لدولة الانقلابيين، وهو وإن لم تكن لديه قوة عبدالملك الحوثي زعيم الحوثيين، إلا أن درجة تقارب الرجلين وتوزع الأدوار بينهما منذ الاستيلاء على السلطة، يُظهران أن عبدالملك الحوثي فقد أحد أبرز من كانوا أهلَ ثقة في التركيبة السياسية الهشة لجماعته، التي تتضارب فيها المصالح وتتزايد فيها المؤامرات.

وبمقتل الصماد تضيق الخيارات أمام الانقلابيين الذين باتوا يجدون صعوبة حقيقية في الحفاظ على أمنهم الشخصي، فضلًا عن صعوبة الحفاظ على تحالفات تساعدهم على مواجهة الضغط العسكري المتزايد عليهم في أكثر من ميدان، وعلى صعيد أكثر من جبهة.

مقالات ذات صلة

ردة الفعل الحوثية على مقتل الصماد مفهومة، والتهديد بالانتقام مألوف، والوعيد بالثبور وعظائم الأمور معروف، لكنه لن يغيّر ميزان القوى، ولا معادلات المواجهة على الأرض التي تميل منذ بعض الوقت لصالح الشرعية المدعومة من التحالف العربي.

فالحوثيون لم يوفروا أي فرصة، وتجاوزوا منذ زمن بعيد كل الخطوط الحمر، عندما استهدفوا العاصمة السعودية الرياض وهددوا بإرسال صواريخهم الباليستية إلى أبوظبي.

ورغم الأثر السياسي الذي مثلته الصواريخ الحوثية، إلا أنها من الناحية العسكرية ظلت محدودة التأثير، تُصدر قعقعة، دون أن نرى من ورائها طحينًا، يُسهم في إخراج الحوثي من ضغط الميدان أو عزلة السياسة.

وإلى أن تتضح أبعاد تأثير مصرع الصماد على لحمة الصف الانقلابي في اليمن، فإن هذا التطور قد يكون مقدمة تُجبر الحوثيين على مراجعة موقفهم السياسي المكابر والمتعنت، والقبول بتسوية سياسية تحفظ لهم ماء الوجه، وتكفل لهم دورًا سياسيًا على نحو أو آخر، حتى لا يجدوا أنفسهم، بفعل الضغط العسكري المتواصل، خارج المعادلة السياسية اليمنية، وخارج حسابات التحالف.

الحوثيون، الذين راهنوا على الدعم الإيراني لمشروعهم الانقلابي، يجدون أن مشروعهم لا يتآكل فقط، بل تتساقط رموزه، وتتفكك أدواته، وينحسر وجوده، ليصبح محاصرًا ومعزولًا في مواقع ومربعات أمنية لم تعد قادرة على حماية قيادات الانقلاب ورجالاته.

والدعم الإيراني الذي اعتمد عليه الحوثيون منذ انقلابهم، وتمددهم السريع إلى العاصمة صنعاء، الذي سيطروا خلاله على مقرات ومعدات عسكرية كثيرة، يصل هزيعه الأخير.

فالإيرانيون حتى مع وجودهم الاستعراضي في أكثر من دولة عربية يواجهون انتكاسات من كل نوع. من العراق حيث الحملات الانتخابية تُظهر تزايدًا في الحس الوطني العراقي وتراجعًا واضحًا في تأثير المرجعيات الدينية الطائفية. وفي سوريا تقترب الأزمة السورية من استحقاقات سياسية قد يكون على إيران دفع جزء منها. أما في لبنان فتجري انتخابات قد تغيّر من المعادلة السياسية التي كانت تستقوي بالسلاح الذي يملكه حزب الله المدعوم من إيران.

الحوثيون يدركون أنهم الحلقة الأضعف في المشروع الإيراني بالمنطقة، ولهذا فإن أي تطور ميداني، أو ضغط عسكري، قد يؤتي أكله على شكل مقاربة سياسية مختلفة، مع المساعي المبذولة لإيجاد تسوية أو مخرج سياسي يعيد الحوثيين لحجمهم الطبيعي، كمكون يتطلع لدور سياسي أو حصة في حكومة تكون للشرعية الكلمة الرئيسية فيها بعيدًا عن أوهام التمدد الإيراني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى