صرخة ضمير / محمد الشنطي

صرخة ضمير
الآلة + الطريق + البشر … عوامل تشترك معا أو إحداهما أو إثنين منهما في حصد أرواح المواطنين بحوادث السير … العامل الأول والثاني يمكن تفاديهما بقيادة سيارة صالحة للسير ومجهزة لهذا الغرض , والطريق التي يمكن السير عليها بتأنّي وروية وحرص وانتباه مهما كانت جاهزيتها وتنظيمها وإعدادها ….. أما العامل الثالث فهو السائق الذي يجلس خلف المقود والذي يتسبب في معظم الحوادث .. وسواء كان الأنسان راجلا أو سائقا , فإن أغلب حوادث السير يكون هو سببها , من يغامر في عبور الشارع من غير الأماكن المخصص لها بالعبور , أو من يسير على الشارع بمحاذاة الرصيف ويتجاهل وجود الرصيف , أو من يمثّل حركات البهلوان بين السيارات , أو لا ينتبه إلى أولاده وأطفاله ويتركهم يلعبون في الشوارع , أو يخاطر هو وعائلته في إجتياز شوارع رئيسة تعج بالسيارات المسرعة بالرغم من وجود جسور مخصصة للمشاة بجانبه , فهو بلا شك إنسان لا يعي المسؤولية وبحاجة إلى إعادة برمجة عقله المتعفّن , لأنه في جميع الحالات فإن السائق هو من يتحمّل العقاب والمساءلة , لذلك فهو يرمي ” بلاه ” على السائقين .
أما العامل الثالث والأخير أي السائق , فحدّث عن ذلك ولا حرج , فهو البطل المغوار الذي يتباهى بأنه يقود دبابة أو صاروخ موجّه أو عربة مصفحة في شوارع داخلية أو فرعية أو رئيسة أو أوتسترادات بلا أدنى وعي أو إحساس بالآخرين , وهو الذي يتسبب بأغلب الحوادث …. طيش … رعونة … إستهتار … جنون … عدم إنتباه … سرعة زائده … كسر القانون … جهل … تخلّف … عدم إنضباط … والعديد العديد العديد من هذا وذاك … والنتيجة : آلة الموت تجوب الشوارع , لتحصد أرواحا بريئة صغارا وكبارا … ونقول بالمحصّلة ” إنه القضاء والقدر ” على فنجان قهوة سادة وعطوات بين الناس , لتنهي حياة أناس كانوا يخططون للمستقبل , أو ينعمون بالدنيا , فتترمّل الزوجات , ويتيتّم الأطفال , وتُثكل الأمهات , جرّاء حوادث يتسببها بشر معدومي الضمير والإنسانية يقودون سيارات وكأنهم يملكون الجنّة والنار والثواب والعقاب .
ونتساءل في هذا الشأن , أين الخطأ ؟؟ .. هل العقوبات الدنيوية والقانونية لم تعد كافية لردع الطيش والرعونة ؟ .. هل نحن فعلا نسعى إلى تعليم المجتمع منذ الصغر على المبادئ الاساسية في كيفية التعامل مع هذه الآلة التي أصبحت تصب نقمتها علينا ؟
إنها صرخة ضمير حي لكافة المسؤولين وللناس جميعا لوضع الحلول الناجعة لوقف هذا النزيف الذي يحصد أرواح أولادنا وبناتنا وآبائنا ومواطنينا دون هوادة , ومعالجة الآفات السلبية والمستشرية في مجتمعنا والتي أصبحت كالسرطان يسري في أجسامنا , وتسرق أرواحنا في غفلة من الزمن .
متى سوف نعود لمعادلة أن القيادة هي : فن .. وذوق .. وأخلاق ؟؟؟ ……
( محمد الشنطي )

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى