مسمار يهزم الدبوس / د . محمد شواقفة

“مسمار يهزم الدبوس ”

لا أحب أن أشترك في بعض الحوارات و النقاشات و خصوصا إذا كنت فعلا لا أعرف الشخص المحاور أو أنه فعلا لايعرفني …. و لكن في بعض الأحيان أشعر أنه من غير اللائق تجاهل بعض الاراء و لو لم تعجبني … و لكنني أشعر بأنني أكثر لطفا و بأن أخلاقي عالية …. و أصبح ” طويل بال” و بقدرة قادر لا أعرف نفسي ذلك الخلوق المجامل المهادن …
أذكر قصة حدثني بها أبي عن شخص كان يشبهني بطبعه السئ و مزاجه المتقلب و الاهم سلاطة لسانه … و لمن لا يعرف أبي ..فهو قمة في التهذيب و كلامه لا يمكن أن يفسر إلا بأنه ايجابي و لو توجه لي بالسب و اللعن علنا مع أن ذلك لم يحدث ابدا طيلة حياتي… كان ينبهني عندما أفقد صوابي – مرات كثيرة- و قد كنت انزلق أحيانا و أهذر بكلام غير لائق أو أتسبب بالاساءة للبعض ….
قال لي أن أحدهم كان له ولد يشابهني بالطباع فأعطاه أبوه كيسا من المسامير و طلب منه أن يدق مسمارا في ذلك السياج
الخشبي خلف الدار ….. لم تعجبه تلك الفكرة و استهزأ بها … و لكنه بدأ يضيق ذرعا بسوء طباعه …. فبدأ ينسل خفية و يدق مسمارا في السياج كلما راوده شيطان نفسه عن تصرف احمق ….. كان أن دق في يومه الاول خمسين مسمارا …. مع أن دق المسمار لم يكن سهلا أو ممتعا و يتطلب جهودا مضنية لم يكن فعلا بحاجة لذلك الجهد….
بات فعلا كلما غضب …يتذكر عناء دق المسامير …. و صار يدق
مسامير أقل كل يوم …. الى ان توصل لايام لا يحتاج ان يدق فيها مسمارا واحدا…. و اكتشف انه توقف عن الغضب و بات شخصا آخر فذهب لأبيه و أخبره بأنه نجح في الاختبار و لكن أباه قال : لكن عليك يا بني ان تزيل تلك المسامير القبيحة التي شوهت بها سياج حديقتنا …. و عليك ان تزيل مسمارا واحدا في كل يوم لا ينال منك الغضب أو لا تتسبب بأي إساءة لأي كان…. و قد كانت عملية الخلع و الازالة أكثر صعوبة و قسوة و قد أخذت وقتا طويلا الى ان انهى كل المسامير . و بعد صبر طويل ….. بات صبورا بالكاد يغضب ذهب لينقل لوالده البشارة …. أثنى عليه و طلب منه ان يرافقه الى حيث السياج …. فقال له: أترى كل تلك الثقوب …. كما ترى لن يعود هذا السياج كما كان قبلا و لن يعود كما كان أبدا أبدا.
ربت والدي على كتفي و هو يعلم أنه نالني في مقتل و أصاب مني ما أراد …
عندما تختلف مع أحدهم … قد تصل الامور لمشادة أو مشاحنة و قد تفلت منك بعض الكلمات التي قد تجرحهم و تترك فيهم جرحا غائرا يسكن اعماقهم كالثقوب في ذلك السياج …. و لو اعتذرت او تراجعت …. فربما ان تلك الجروح قد لا تلتئم و لن يشفيها او يداويها أسف …. و كما قال لي: “لسانك لسانك” ….
” قد يكون من السهل جدا أن تقول ما تفكر به …. و لكن أليس من الأجدى أن تفكر قبلا بما تقول ”

” دبوس على طريقتنا”

– النص مبني على حوار باللهجة الكتماوية تم تحويره من الذاكرة …

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى