مساحتنا الخاصة للتأمل / سهى عبد الهادي

مساحتنا الخاصة للتأمل

حين ترهقنا الدنيا بهمومها وضغوطها المتعددة والمتجددة ، نشعر بأن كل الأبواب قد أغلقت في وجوهنا ، يحتار سبيلنا ، ويكسرنا الحزن كطائر فقد جناحيه ، ترتقي ابصارنا للسماء بحثا عن خلاص ، يرتجف داخلنا من هول الإحساس المفرط بضعفنا واستكانتنا وقلة حيلتنا

مشاعرنا المختلطة تعذب نفوسنا الهشة ، نبحث عن مصدر قوة يحول بيننا وبين هوة سحيقة تشدنا للأسفل ، نحاول قمع انفسنا لعلنا نعود اشخاص طبيعيون يحيون بروتين ايامهم الرتيبة ، لكننا نفشل !! فما لهذا وجدنا !! ولم نكن هنا يوما فقط لنأكل ونشرب وننام ، نعمل ونتنزه !! فهناك مسار آخر يحتاج ان ننيره بصحوة عقولنا ، ورهافة إحساسنا ، ونقاء قلوبنا

تحاصرنا لحظات الحقيقة والصدق مهما حاولنا الهروب منها والتملص من نقيقها الدائم في رؤوسنا ، اتكون تلك هي الفطرة ؟ أم أننا من هواة تعذيب النفس وإقلاق راحتها ؟ وما بال اقوام لا يعانون مثلنا ؟ أمرتاحة ضمائرهم إلى هذا الحد ؟ أم انهم يبسطون الأمور ولا يعقدونها مثلنا ؟

مقالات ذات صلة

لماذا لم تعد قلوبنا تحتمل ما يعتري جنبات هذه النفس من مطبات ، ولماذا تحول العقل خنجرا يقطع الأحاسيس غير المألوفة من جذورها ، هل امسينا سفاحين نهدر دمنا بأنفسنا خوفا مما حولنا ؟ أم هي رهبة من براكين داخلية لم نعد نقوى على إحتوائها ؟

سعداء نحن بإختلافنا ولو كره الآخرون ذلك ، نحتاج مساحتنا الخاصة للتأمل ، نحب أن نقف لنراجع انفسنا ونوايانا في طريق اكتظ بخيارات تملك نفوذا قد يسلبنا ارادتنا دون أن نشعر ، نريد أن نبقى متيقظين لأهوال تختبئ خلف صهيل خافت ، ونأمل أن نحيا متصالحين مع أنفسنا ما استطعنا الى ذلك سبيلا

احدث نفسي لأخرج من عزلتي ، لعل عواصفي تهدأ في داخلي ، وأدعو خالقي ومن بيده أمري ان ينزل امنا وسلاما على قلبي ، ولا املك الا أن أذكر نفسي قبل غيري أن
استعن بالله عندما تداهمك خيبات الأمل ، واستعذ بالله من شيطان القلق المطبق على انفاسك وقلبك كصخرة ثقيلة ، فليس اجمل من اللجوء الى الله عند الضيق وفي مواجهة الخوف الذي لا يملك اي انسان ان يخلصك منه ، تخفف من احمالك عند مالك الملك ، فليس لك سواه مدبرا لأمورك …

يا الله …
يا أمل ارواح مضطربة ، لا تملك الا ان تعيش في عوالم مادية وقاسية ، لن تجد أحن من يدك الممدودة اليها في كل وقت وفي كل حين دون حاجة لموعد أو تجمل أو استئذان ، فسبحان من خلقنا وشرع كل الأبواب لرعايتنا ، ومع هذا نبتعد لنبحث عن أمل آخر ينجدنا ، املا في شخص او في وظيفة او في مال ، رغم أن فينا يقينا أن لا ملجأ منك إلا إليك ، فيا رب أزل الغشاوة عن عيوننا وألهمنا الصواب والسداد ، واجعلنا لا نرى احدا غيرك حاميا ومدبرا ونصيرا

( قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا ) صدق الله العظيم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى