مزرعة برسم البيع
أشهرت إفلاسي أمام كل الناس. لم يبق في جيبي دينار ولا حتى درهم. بدأت أوضاعي تتعسر حتى ضاقت بي أنفاسي. لم اعد أحتمل قلة النوم ولا السهر، ولا شرود الذهن ولا القهر. ولا الخذلان ولا الضجر. ولا الخيانة ولا الطفر.
ديون تراكمت وتكدست. لم يبق عندي ما أملكه سوى مزرعة توارثناها اب عن جد.. وللمزرعة حكاية ورواية كحكايات الف ليلة وليلة. رح أحكيها من أولها إلى تاليها.
مزرعتي كانت تكفي كل القرية، كنا نعمل فيها يداً بيد، نشد بعضنا بعضا. نزرع فيها ما يلذ ويطيب من شتى الزرع و الثمر . ونصدر ما يزيد من قمح وشعير. والمراعي يا زينها، والمياة تجري في واديها، هبة الخالق الرحمن، أبدع تصويرها.
كنا نجلس ونتسامر حتى جاء الوقت الذي تقلبت فيه الأمور وتبدلت فيه الأحوال. جاء من يفسد الفرحة ويحول اليسر الى عسر. جاء و يحمل بجعبته أفكاره المسمومة، ليضحك بها على جهلنا و قلة وعينا. ساندوه بذلك شرذمة ممن كانوا يعملوا في المزرعة ودعموه بحجة تطويرها للأحسن وللأفضل، حتى صرنا نندب ونولول ونشكي ونتذمر.
أقنعونا بتطويرها ليزيد الأستثمار وتزداد المنتوجية. أقنعونا بفتح فروع لها وخصخصتها، وبناء المكاتب الفارهة داخلها، معلليين بذلك تطويرها. لم نكن نعرف في وقتها أنه كان وهما وسراباً، وأن كل ذلك كان هدفه المنفعة الشخصية. بدأ الانتاج يقل والوضع يسوء، وبدأنا بالأقتراض من البنوك قرضا بعد قرض لصرف رواتب العمال في المزرعة، حتى تراكمت الديون على أكتافنا. لم تعد المزرعة كسابق عهدها تكفي القرية، بل صارت عبء علينا. يزداد حمله يوماً بعد يوم.
فهل من مشتري للمزرعة؟