مدير بنك في الأردن يشكو الحال : معي 100 دينار فقط

سواليف
لم يتردد اردنيون يمقتون الأسئلة المتطفلة على ما خفي من اوضاعهم المعيشية، في اجابة سؤال صادم مثل: كم في جيبك الآن؟ ففي بلد اقتصاده مأزوم، تعم الشكوى فترددها الالسن في مختلف الاوساط الاجتماعية بغض النظر عن مكانتها الاقتصادية والمعيشية.

مدير فرع احد البنوك احجم عن ذكره اسمه، يشكو سوء الحال وضيق العيش، فيقول: في جيبي الان 100 دينار، والوضع صعب، بينما يعتقد الناس ان موظفا مصرفيا مثلي يعيش حياة جيدة، فما بالك اذا كان في الاسرة طالبان جامعيان، واربعة في المدارس، فضلا عن تكاليف المعيشة التي تتصاعد بشكل جنوني؟! الى حافلة الشكوى ينضم، موظف متقاعد بدرجة خاصة، موضحا أن “راتب الحكومة والتقاعد مسخوط مهما كان”، في اشارة الى تدني مستويات الرواتب الحكومية.

في منطقة “وسط البلد”، يتدفق العمال مسرعين الى اعمالهم، بينما تتأبط غالبيتهم “زوادة” تخفي مؤونة اليوم من غذاء يخف حمله، ليكتفوا تكلفة وجبتي الفطور والغداء في اعمالهم التي يحسبون مردودها بدقة، لا مجال فيها لترف شراء وجبة على حساب اسر تنتظر عودتهم آخر النهار.

موسى الحاج، ثلاثيني يعمل بناء للحجر منذ 6 سنوات قال “كانت الاوضاع قبل 3 سنوات افضل بكثير من اليوم. كنت اعمل مع مقاول كبير في المنشآت الضخمة حكومية وخاصة، وكنت احصل على نحو 30 دينارا يوميا، فضلا عن وجبتي طعام وسيارة تنقلنا الى اماكن عملنا وتعيدنا الى بيوتنا، أما اليوم فان الاعمال شبه مشلولة، وقد جرى تقليص عدد العاملين الى اقل من النصف، اضافة الى تخفيض الاجرة اليومية الى 20 دينارا، الامر الذي قبلته مكرها، اذ ان رفضي يعني استبدالي بمعلم بناء وافد سيقبل اقل من هذا الرقم بكثير”.

وتظهر ارقام رسمية ان معدلات الفقر ارتفعت من 14.4 % عام 2010 الى 20 % عام 2016. “معي الان 3 دنانير فقط” يقول الموظف الحكومي معاذ اربيحات، الذي يعمل في المركز الثقافي الملكي، انه يخرج من العام 2018 بدين يتجاوز 5 الاف دينار.

معاذ يضيف ان راتبه ينتهي مع أول يوم يتسلمه فيه من البنك، لتبدأ معها رحلة الاستدانة والاقتراض من الآخرين، واصفا حالته “بتلبيس الطواقي”، لاغيا من حياته أيضا فكرة التوفير أو التفكير باي شكل من اشكال الرفاهية. ا

لمهندسة هالة الفياض موظفة بوزارة الصحة، تقول إنها تملك 71 دينارا في هذه اللحظة، وهي تنفق على شخصين، وتملك سيارة، وتدفع قسطا لشقتها يستحوذ على أكثر من نصف راتبها، وهي تسعى جاهدة الى عدم الاستدانة من أحد.

تضيف هالة، ان المبلغ الحالي المتبقي معها هو لدفع فاتورة الاتصالات، ومصروف بقية الشهر، وهي تحاول الابتعاد عما يثقل كاهلها: الحياة صعبة جدا ومتطلباتها قاسية واحرم نفسي من الكثير لابقى متحكمة بالمصروف.

محمد العواملة غير متزوج ويسكن عند والده ويعمل في القطاع الخاص فني مونتاج تلفزيوني، يبين أنه ورغم عدم مسؤوليته عن البيت والأسرة ولم يتزوج، الا أن كل ما يملكه لا يتجاوز 50 دينارا، وعليه تعبئة سيارته بالبنزين، متسائلا: كيف سامضي بقية الشهر؟! يبين العواملة انه لا يعلم كيف يدير رب الأسرة ماليته، فالبيت عبارة عن “طاحونة تعمل ليل نهار” والراتب لا يُسكتُ الأفواه الجائعة التي تطلب كل دقيقة.

محمد سلامة يعمل في التخليص على البضائع، يقول إنه لا يملك أجرة الطريق، لأنه دفع اجرة المنزل، واشترى تدفئة، وسد ديون شهر تشرين الثاني، وهو الآن يستلف لإكمال شهر كانون الأول.

يؤكد محمد انه لا يملك نقودا نهائيا وهاتفه مفصول دائما، “وكل ذلك بسبب صعوبة الاوضاع الاقتصادية وكثرة المتطلبات التي تواجهنا يوميا، مثل الحالات الصحية العارضة، وفاتورة الكهرباء، والماء، والمواصلات”. خطة تحفيز النمو الاقتصادي الأردني للاعوام 2018 – 2022 الصادرة عن مجلس السياسات الاقتصادي، تشير إلى أن الأردن تأثر سلبًا بتداعيات الأزمة المالية العالمية عام 2009، والاضطرابات الإقليمية المصاحبة لثورات ما يسمى ب “الربيع العربي” ونجم عن هذه التحديات أزمة في قطاع الطاقة وإغلاق طرق التجارة، أفضت جميعها إلى حالة أشبه بحصار اقتصادي فعلي.

الخطة توضح إلى أن معدلات النمو الاقتصادي خلال العقد الماضي وما قبله، تشير إلى أن متوسط الناتج المحلي الإجمالي، خلال الفترة ما بين عامي 2000 و2009 ، بلغ ما نسبته 6.5 بالمئة وبلغ 2.5 بالمئة فقط خلال الفترة ما بين 2010 و2016 .

أبرز التحديات الاقتصادية الداخلية التي تواجه الأردن بحسب الخطة، تكمن ارتفاع معدلات البطالة والتي تفاقمت بالتزامن مع اللجوء السوري، فقد وصلت النسبة الة 15.25 في المائة عام 2016 مقارنة مع 12.5 في المائة عام 2010، وارتفعت معدلات الفقر الى 20 في المائة في العام 2016 مقارنة ب 14.04 في المائة عام 2010.

وكشف تقرير أحوال الأسرة الأردنية الثاني 2018، أن 54 في المائة من الأسر، يتشارك فيها الأزواج والزوجات في إدارة مصاريفها، في حين بلغت نسبة الأسر التي يدير فيها الآباء نفقات الأسرة 31 في المائة.

وأظهر التقرير أن 60 في المائة من الأسر تفضل العمل في القطاع العام، بينما تعتمد 79 في المائة من الأسر على الوظيفة مصدرا للدخل، وأن تكاليف تملك المنزل أو إرتفاع تكاليف إيجارات السكن، والتعليم والصحة هي من القضايا المعيشية التي تستحوذ على أولويات الأسر.

التقرير يبين أن الأعباء الاقتصادية المتمثلة في إيجار المنزل وتملك المنزل هي من الأعباء الكبيرة، مقابل الأعباء المتوسطة للتعليم والخدمات الصحية، وتكلفة الكهرباء وتكلفة المياه، وتكلفة التدفئة، وتكاليف النقل وتكلفة الملابس والمواد الغذائية.

وأظهر التقرير، أن الأولويات الاقتصادية للأسر الأردنية تمثلت في ارتفاع الاسعار، وتوافر فرص العمل والأجور. كذلك أظهر التقرير أن غالبية الأسر الأردنية تملك مسكنها بنسبة 62 في المائة، مقابل 35 في المائة مستأجرة للمساكن، و3 في المائة تقطن في مساكن لأحد الأقارب، و0.1 في المائة تشغل المسكن مقابل العمل.

( سليمان قبيلات وبركات الزيود– بترا)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى