مخالفات مستفزة / سهير جرادات

مخالفات مستفزة
سهير جرادات

حتى في ساعات الفجر، وأنت نائم في فراشك ، وحتى لو كنت خارج البلاد ، وسيارتك في الكراج ، ولا يستخدمها أحد، لا تستغرب!! أن عداد مخالفات السير يَعد عليك ، والعين الساهرة؛ ترصدك وتخالف مركبتك ، أي لا محالة ستخالف ستخالف!!.

هذا ما تفاجأت به ،عندما أردت التأكد عبر الموقع الالكتروني ،إن كانت هناك مخالفات بحقي ،وذلك لترخيص مركبتي ، لأكتشف أن هناك خمس مخالفات حررت عليَّ في ساعات منتصف الليل وحتى الساعة السادسة صباحا ، منها ثلاث مخالفات تجاوز اشارات ضوئية عند الساعة: 2:45 و2:50 و3:10 بعد منتصف الليل، ومخالفة وحيدة في وضح النهار عند الساعة 14:10 ، أي أن نظام إدخال البيانات على الحاسب الآلي اعتمد على ترقيم الساعات بنظام ال 24 ساعة ، وأن القاسم المشترك الوحيد بين كل تلك المخالفات أن جميعها غير معروفة المكان.

ولدى مراجعتي لإدارة السير المركزية ، وإحضار دفاتر المخالفات الخاصة بتلك المخالفات الأربع ، لتجاوز الاشارات الضوئية الحمراء ، والتي نظمت من قبل رقيب السير نفسه ، وعلى مدى شهر واحد فقط ، في أربعة أيام سبت متتالية ، ثلاثة منها كنت خارج البلاد حسب ما يثبته جواز سفري ، وجميعها حررت على إشارة مستشفى الاستقلال .

مقالات ذات صلة

وبعد تقديم الاعتراض وأداء القسم لدى الادعاء العام بيومين ، جاءت المفاجأة في تغيير التوقيت من صباحا إلى مساء ، وتحويل مكان المخالفة من إشارة مستشفى الاستقلال إلى الاشارة التي تليها بالقرب من دوار الداخلية ، لتتوافق مع مكان عملي وسكني ، وكما أعلمت – شفهيا – أنه تم استدعاء رقيب السير، الذين أصبح – بقدرة قادر- ثلاثة ، واقسموا ثلاثتهم على أنهم شاهدوني وسيارتي قبل تسعة أشهر، أي بما معناه ” عنزة ولو طارت!! ” .
أنا لست الوحيدة التي تعرضت لهذا ” التلبيس ” في المخالفات ، فهناك مدير إدارة السير نفسه ، الذي تمت مخالفة سيارته وهو في مهمة رسمية خارج البلاد، وكان قد نسي مفاتيحها في جيبه ، ليجدها بعد عودته قد تخالفت في مدينة العقبة ، والمضحك أن مخالفة تعرضت لها سيارة زميل صحفي من نوع نيسان – ركوب صغيرة- لعدم وضع جهاز لتحديد السرعة ، والمخصص للشاحنات والباصات ، وغيرها الكثير من المخالفات الغريبة العجيبة التي لا تخضع لا للعقل ولا للمنطق وصلتني خلال اليومين الماضيين .

ومن أغرب هذه القصص الخاصة بالمخالفات ، تلك التي حدثني عنها الادعاء العام ، والتي تشير إلى أن إحدى المواطنات حصلت على مجموعة مخالفات ، وفعت قيمتها كلها، ليتبين فيما بعد بناء على اعتراضات قدمها آخرون ، أن ما دفعته هذه السيدة من مخالفات غير عائدة على سيارتها ، لتقوم ادارة السير بإرجاع الحق لأصحابه ،وهذا دليل واضح على أن المواطن وصل إلى مرحلة اليأس ، وأصبح لديه قناعة تامة بأنه قد يتعرض للظلم ويضيع حقه ، ولا جدوى من الاعتراض لأن المنهج في إدارة السير يقوم على رأي المثل الشعبي ” جوزك وان راد الله ” ، أي ستخالف وتغرم لا محالة .

كلنا نطالب بوضع القوانين الناظمة ، واحترامها من قبل الجميع ، وأن لا يكون هناك من هو فوق القانون ، بل لا بد مع تغليظ العقوبات؛ لضبط المخالفات المرورية، والحد من نسبة حوادث السير المرتفعة لدينا ، إلا أن ترك تطبيق القوانين والعقوبات “رخوة “و” سايبة”، بحيث تطبق على أناس دون غيرهم ، وترك الأمور دون قانون يحكمها ويضبطها؛ ما يجعل باب التلاعب مفتوحا ، ويترك الامور إلى ضمائر الناس التي تختلف من شخص لآخر .

من المتعارف عليه أن تنظيم الامور ووضع القوانين الناظمة لها، يضمن عدم التلاعب والتحايل ، لكن تركها دون تنظيم(فالته)، فإن باب الفوضى سيبقى مفتوحا وبالتالي ممارسة الظلم على الآخرين .

هل المقصود من “التبلي” و”التجني “على البشر ، والاستخدام الخاطئ للسلطة هو اختبار قدرة المواطن على التحمل ، والصبر ، ومقدار زعزعة قناعاته وانتماءاته؟

أم المقصود من انتهاج اسلوب الظلم والغبن ، ايصال المواطن إلى حالة من الاحباط ، ما يفقده الأمل ويزعزع ثقته بأفراد الاجهزة الأمنية التي من المفترض أنها تقوم على حمايته لا تجريمه وتغريمه دون ذنب…وما علينا سوى أن نقول “سمعا وطاعة”!

نستحلفكم بالله ، من أجل الوطن ، ومن أجل الحفاظ عليه ، أن نتقي الله في وطننا ،فالوطن غال ، غال جدا.
Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى