محددات السياسة الخارجية الأردنية / موسى العدوان

درس من الحياة – 16 : محددات السياسة الخارجية الأردنية .
في كتابه بعنوان ” السياسة الخارجية الأردنية وتطوراتها ” يقول المؤلف سعادة السفير السابق فؤاد البطاينه، بأن هناك ثلاثة محددات لتشكيل السياسة الخارجية الأردنية. ولفائدة القراء سأقتبس أجزاء مما ورد في هذا الموضوع نظرا لضيق المكان، وأنصح بمن يرغب بالتوسع والاستزادة من المعرفة، العودة للكتاب القيّم المشار إليه بأعلاه، وأقتبس :
• ” المحدد الأول: المشروع الصهيوني والوطن البديل: إن بريطانيا ومعها الحلف الصهيوني الأوروبي عندما أنشأت هذه الدولة في شرق الأردن كمساحة جغرافية وكنظام أو قيادة، لم تنشئها لتكون أو تبقى دولة أردنية مستقلة وللأردنيين، كما هو مفترض كبقية الدول العربية، بل لتخدم بالأساس تحقيق وإنجاح المرحلة الأولى من المشروع الصهيوني في فلسطين، باستخدام الأردن كمستوعب سياسي وسكاني للفلسطينيين المهجرين وهويتهم، ليُمكن بالتالي استخدام فلسطين مستوعبا سكانيا وسياسيا لمتهودي الخزر. وكانت بريطانيا تدرك أن هذه المستوعبات هي لتغطية المحاذير الأساسية التي تعيق إقامة دولة إسرائيل في فلسطين بنجاح.
• المحدد الثاني: اختزال الهويتين الأردنية والفلسطينية المستقلتين. إن هذا المحدد الذي هو بمثابة هدف غربي / صهيوني مبكر، هو بنفس الوقت من مستلزمات ومتطلبات تحقيق أحد هدفي السياسة الخارجية الأردنية، المتمثل في بقاء القيادة الهاشمية في السلطة. بمعنى أنه محدد يلتقي مع هدف للقيادة الهاشمية أيضا، وليصبح هدفا مشتركا أو محددا مقبولا من القيادة الهاشمية. ومن هنا فإن السياسة البريطانية / الصهيونية ومنذ البداية كانت حريصة على دمج المكون الفلسطيني مع المكون الأردني بهوية سياسية واحدة. وهو ما يتطلب انخراط المكون الفلسطيني في الحياة السياسية في شرق الأردن إلى جانب المكون الأردني بهوية موحدة.
• المحدد الثالث: المالي / الاقتصادي – ومحذوراته. إن المستعمر الأجنبي سعى لدى تأسيس الدولة بعد إخراجها من وعد بلفور، إلى أن تكون دولة انتقالية وغير قابلة للاستمرار، وعلى سد احتياجاتها الأساسية دون مساعدة خارجية وغربية بالذات، وبأن لا تكون قادرة على تأمين متطلباتها المالية والتنموية بحدها الأدنى، دون أن تلهث وراء الغرب الذي يتحكم بها وبالسماح بتقدمها، وبأن تكون وتبقى دولة ضعيفة عسكريا، إلى الحد الذي لا تستطيع معه حماية نفسها من أي دولة مجاورة أو أي جهة أخرى، دون اللجوء للغرب الذي يقدم المساعدة الموجهة لها ويحميها أو يحمي نظامها، وأن يصار إلى تكريس حالة الاتكالية والعوز مستقبلا، لتبقى القيادة الهاشمية والأردن في حالة الضعف، ليسهل تهديدها وابتزازها وتسخيرها لخدمة السياسات الغربية / الصهيونية، ولحين تحقيق الغرض من الأردن ونظامه. بمعنى أن هناك قرارا ابتدأ بريطانيا / صهيونيا وانتهى أمريكيا، بأن يبقى الأردن فقيرا ضعيفا ومفتقدا لأهم ميزات البلدان النامية، وهي افتقاره لمورد أساسي يرفد موازنته، ومهددا يبحث عن الحماية والمساعدات، بهدف إرغام قيادته على الانصياع، إذا ما فكر بالتمرد على خدمة استراتيجيات غربية غير مواتية “. انتهى الاقتباس.
* * *
* سؤال إلى القارئ الكريم الذي يستطيع الإجابة :
إلى أي مدى ينطبق هذا الكلام على الواقع الملموس في هذه المنطقة، وعلى الممارسات التي يجري تنفيذها على أرض الواقع من قبل مختلف الأطراف ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى