مجرد خاطرة / أيسر راشد الحرافشة

مجرد خاطرة

يصوغ الذواقون خواطرا ترحل بقارئها إلى ما وراء خيوط الشمس الذهبية و تشع في صدورهم نورا كذلك الذي كنا نراه في أفق الكهف في أفلام الرسوم المتحركة صغارا عندما ينتهي الممر بنور خافت يزرع بذور الأمل بالعالقين في ذلك الكهف المتمثل بدوامة الحياة بالتعب المرسوم في وجوه الناس في الطرقات في وسائل النقل العامة في وجه الأب العائد مساءا و قد أمرت الزوجة الأطفال بالابتسام عند استقباله لأن الحياة خلف باب الدار موحشة ، في مرارة غياب المغتربين و العذاب الذي يعصف بنفوسهم عندما يجدون أنفسهم مغلوبون على أمرهم لتحمل قسوة الظروف في سبيل العودة إلى الأهل و الأصدقاء من جديد ، خواطر لا تسمن و لا تغن من جوع كالقشرة التي تغطي خلفها قبيحا ما تكون محركا لبضع ثوان في نفوس المذكورين و معهم الشباب شباب طموح و معطاء اجهض عطاءه في سن العشرين فأصبح شيبا لا شباب بالنظر إليهم بعين الحسرة و اليأس و انقطاع الأمل إلا بالله هو المعين و هو النصير تجدهم في حرقة يتلوعون في مواقع التوظيف يبحثون عن الإعلانات براتب مئتي دينار او ثلاثمئة إلى قطر إلى الصين إلى جزر القمر إلى زحل لم تعد تعني لهم طموحهم شيئا فأصبحوا غرقى و كلهم متعلقون بقشة واحده فماذا عسا تلك القشة أن تحمل ، ينشر أحدهم مستعلما عن ماهية المرتقب فيقول لقد تخرجت حديثا و كلل بالزهور من أمه و أبيه و فرح له الأخوة و الأصحاب و تجده بعد شهر قد أطلق لحيته و لبس عادي الثياب فلقد نضج و علم أن الاتكيت و المبالغات الجمالية لم تكن إلا مرتكزات خارجية و هو الان في عد العمر التنازلي يتخبط عن خبرة عن طريقة صياغة السيرة الذاتية عن تفاصيل لعل بها يلقى فرجا و الصبر مفتاحه كما تعلمنا إلا أن الكثير من الشباب قد أضاع ذلك المفتاح و أخشى أن تنتشر كوليرا اليأس إلى الأطفال في المراحل الدراسية الأولى عما هو آت و منتظر لهم في المستقبل القريب فنسأل الله فرجا عاجلا غير اجل و نكتب بقلم تحدث عن هموم الشباب ملتمسا الواقع الذي أضحينا به و لا نطلب الشفقة و لا العطف و إنما باح القلم بما جال في النفوس و الأرواح .
🖋

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى