متعتس… يا جوز الثنتين / يوسف غيشان

متعتس … يا جوز الثنتين

أن تكون محشورا بين كرتين ومجرتين وزمنين وعصرين ومنطقتين ومنطقين وطائفتين ومدرستين وعيادتين وحكومتين وبرلمانين ومحكمتين، تكون مثل ذلك القط الذي انحشر ذيله بين قطعتين، او مثل حمار بوريدان الذي مات جوعا بين مذودين.
في إحدى قصصه الساخرة الرائعة يصف الكاتب العالمي الساخر عزيز نيسين الوضع المأساوي الذي وقع فيه البطل حينما سكن بيتا يقع تماما على الحد الفاصل بين سلطتين مختلفتين، لذلك كان اللص يدخل ويخرج بعد ان يحصل على ما يريد وينام أحيانا، دون ان تستجيب الجهات الأمنية لنداءات صاحب البيت، إذ كل مخفر يدعي – وربما يكون على حق- بأن هذا البيت يتبع إلى سلطة الإدارة الأخرى .
قرأت هذه القصة قبل سنوات عديدة …. … وقد تكون بعض التفاصيل مختلفة عما ذكرت، لكن الفكرة هي ذاتها خص نص .. كان بطل نيسين فردا يعيش مأساة في منزل صغير يقع على الخط الفاصل بين إدارتين .. كان البيت مستأجرا، ويستطيع الرجل ان يستغني عن التعب وهم البال بترك البيت واستئجار بيت آخر لا يجرؤ اللصوص على دخوله.
لكن ماذا نفعل نحن الذين نعيش في أوطاننا وبيوتنا التي لا نستغني عنها وليس لدينا غيرها، لكننا نعيش محشورين بين عصرين وزمنين مختلفين، كل زمن يعلن عدم مسؤوليته عن حالنا الذي لا نحسد عليه، إذ بينما يتنافس الفاسدون المفسدون على فرم لحومنا وفصفصة عظامنا، تدعي الحكومات أنها بحاجة إلى أدلة ووثائق ومستمسكات قانونية … هذا حق، لكن الحكومات هي التي تملك مؤسسات مكافحة الفساد المتعددة، وهي التي عليها ان تبحث عن الأدلة والوثائق والمستمسكات القانونية، وتقدمها للمحاكم المختصة.
الإسلاميون والليبراليون يتنازعون ويتصارعون من اجل (فرض) وجهات نظرهم، ثم يتصالحون ويتمالحون بينما لا يتضرر سوى الشعب الذي يعيش في الوسط .. في المكان الخالي من السلطات.
مجرد فكرة ان تعيش في الوسط المحايد ….تشعرك بالحياد التام وانعدام الوزن في منطقة تنقلب فيها جميع قوانين الفيزياء رأسا على( كعب).
وتلولحي يا دالية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى