ما هكذا تصاغ اخبار الطبيب!
اطلت علينا القلة من الصحف مؤخرا بمقالات موجهة للنيل من الاطباء المقيمين تنفيذا لحملة شعواء تجعلهم في خانة كارهي الوطن و امنه الصحي و المواطن بدلا من انصافهم في ابسط حقوقهم و محاولة استيعاب معضلتهم!!!
عناوين كثيرة تشي للقارئ بخروج فئة من الاطباء على اعراف و تقاليد متبعة منذ القدم! وكان الطبيب المقيم غير معني بامن المواطن الصحي … كل هذه الاقلام لا تفقه انه ان كان هناك من مكترث للامن الصحي للمواطن الاردني فهو الطبيب المقيم!!!
بداية فقد اعتدنا من الصحافة الاردنية ككل الرصانة بالتعبير و عدم الانسياق وراء النيل من جهد جنود الوطن كافة و منهم -لا حصرا- الجندي و الطبيب و المعلم و الممرض و المهندس… الخ … اعتدنا على الصحافة الاردنية ان تحترم هوية قطاع عريض ممن ياخذون على عاتقهم بناء الاوطان بعرق جبينهم و تقديم واجباتهم اتجاه المرضى و ليس رفع شعارات هنا و هناك … تمنينا على الصحافة الاردنية ان تقدر الموظف الذي يعمل ما يناهز خمسة و ثمانين ساعة اسبوعيا تاركا اهله و اطفاله و لو بكلمة شكر بل وان توفر له مساحة للحديث عن تطلعاته و صعوبات حياته و وظيفته!!!
دعني ابسط الحقائق التي لا يعيها الكثر من الكتاب؛ الطبيب المقيم كالصحفي المبتدئ فهو يقدم خدمة و يتقاضى دخلا و من بديهيات الحياة ان يكتسب الموظف خبرة بعد فترة … اتقبل ايها الكاتب ان يوضع عليك شرط ان تبقى في مؤسستك لثلاث اضعاف المدة التي عملتها و اكتسبت بها خبرة؟! فعلى سبيل المثال ان اكتسبت خمسة اعوام خبرة ان تلتزم بالبقاء خمسة عشر عاما اخرى او ان تدفع ما يفوق ما حصلته بسنوات خبرتك المديدة؟!!!
هل علمت ايها الكاتب قبل ان تكتب ما كتبت انه لا يوجد مثيل لهذا الالتزام في اصقاع الارض للاطباء؟! هل اطلعت على انظمة تدريبية بالخارج؟! بصراحة حتى اكون منصفا؛ فانا لا اتوقع منك ان تلم بالتدريب الطبي او ان تكون مختصا قبل ان تخط كلمات مقال هنا او هناك ولكن وجب عليك و على كل عامل بالصحافة البحث عن الحقيقة واستقصاء المعلومة قبل الاشارة بان الاطباء الذين يحاولون الذود عن حريتهم البديهية بالعمل و البحث عن رزقهم الطبيعي في ارض الله الفسيحة بعد تحصيلهم خبرة في مجال ما بانهم يهددون بالاضرار بالمريض و عدم التقدم للامتحان و تعنونونها بعناوين اتهامية هنا و هناك دونما ادنى اشارة “بديهية” ان اعتراضهم هو نتيجة مباشرة لرفع مدة الالتزام لما يصل لثلاث اضعاف المدة و رفع الالتزام المالي بشكل كبير!!! وجب عليكم بيان ان كان هذا النظام رائج في بلاد الدنيا او في الجامعات الاردنية على اقل تقدير ام لا؟! وجب عليككم كذلك ايضاح ان هناك التزام سابق ليس بالهين دونما اعتراض علما انه لا مثيل له في البلاد الاخرى كذلك الامر فما يحصل ليس اضرارا بالمواطن و تغولا على رب العمل بل هو سعي لحق يراه كل ذي بصيرة!!!
هل تعلم ايها الكاتب انني تخصصت في الاردن دونما التزام و لا يوجد التزام حتى اللحظة في الجامعات الاردنية قاطبة بعد سنوات التخصص!!!
هل تعلم ايها الكاتب ان جعل بيئة العمل جاذبة في مستشفيات وزارة الصحة يكون بتحسين ظروف العمل و تنظيمه و رفع دخل الطبيب و ليس بتقييد الطبيب المقيم لعشرات السنين بعد سنوات من خدمة المواطن الاردني مما يحد من تطلعاته و اجتهاده … الطبيب كاي موظف بعد اكماله لعمله يحق له البحث عن مستقبله داخل او خارج الاردن و لا يعيبه ذلك ابدا بل يحسب له ذلك الطموح فتطوير العامل البشري الاردني هدف نبيل … الم تتمعنوا كتبة و مسؤولين فيما قاله الملك في الورقة النقاشية السابعة “فما من أمة تنهض بغير التعليم، وقد بات من البديهيات أن لا شيء يعدل التعليم في مسيرة بناء الدول، وتغيير وجه العالم، إلى الأجمل والأكمل والأفضل، ولا سيما في مرحلة باتت تتسابق فيها الأمم في اقتصاد المعرفة، واستثمار الطاقات البشرية”؟! هل قراتم الاوراق الملكية النقاشية؟! هل تمعنتم باخر جملة من استثمار الطاقات البشرية؟! هل يكمن استثمار الطاقات البشرية برايكم السديد بان الزمك ايها الكاتب بالبقاء ثلاثة اضعاف فترة خبرتك في صحيفتك ام يكون باطلاق طموحك للعمل بعد ان تكمل ما أوكل اليك من مهام في بداياتك؟!
دعني اصحح لاحد الكتاب؛ ان القطاع العام لا يقف حائرا امان الطبيب المقيم قطعا بل يقف مشدوها امام معضلة جديدة تتمثل بانعدام الاطلاع على تفاصيل الامور للكثر من الاقلام التي تاخذ على عاتقها موقفا بعينه و تعطي انطباعات قد تؤثر على الراي العام بعيدا عن ادنى موضوعية و شمولية بالطرح و استقصاء الحقائق او وازع مهني!
د. عمر البطوش/ استشاري اشعة عظام و عضلات -مستشفى الجامعة الاردنية
