ما لا تقوله الحكاية / يوسف غيشان

ما لا تقوله الحكاية

ما لا تقوله الحكاية ، لنا ولا لغيرنا، هو سبب، أو أسباب،تراجعنا الأكيد في مجمل المجالات، وهو ليس تراجعا “إبن خلدونيا” فحسب، على طريقة ابن خلدون في نشوء الدول وزوالها،بل هو تفكك شبه تام لبنية المجتمع بأكمله ومطلق قواه الحية، وليس للحكومات وما يشابهها ، هو تفكك يقترب من مرحلة زوال الشعوب، وليس مجرد زوال الدول والحكومات فحسب.
أما ما تقوله الحكاية فهو أن محرك سفينة عملاقة صار ينفث الدخان، وفقد الكثير من قوته وفعاليته ، ولم يعد قادرا على تحريك السفينة بشكل سليم تماما. كلف اصحاب السفينة شركة لتصليح الموتور، لكن الشركة لم تنجح في اصلاح الموتور.
لذلك طرد اصحاب السفينة الشركة ، بعد ان خسروا الكثير دون جدوى، ولم يكونوا قد حصّنوا.بحث أصحاب الشركة عن حل ، فوجدوا ميكانيكيا عجوزا يعيش في الميناء ، فطلبوا منه محاولة اصلاح المحرك.
جاء الميكانيكي العجوز مع شنطة العدة، وصار يتفقد بالموتور قطعة قطعة وبرغيا برغيا وزنقة زنقة، واستمر بذلك لعدة ساعات، ثم وقف ينظر الى الموتور بدقة ، ثم فجأة أخرج مطرقة صغيرة جدا وطرق بها عدة طرقات خفيفة على مكان محدد داخل الموتور.
فجأة عادت للموتور قوته وشبابه ، ورجع يهدر بقوة وهو يهز السفينة رغبة في التحرك.فرح اصحاب السفينة، وسألوا الميكانيكي العجوز عن تكلفة اصلاح الموتور ، فقال لهم :
– أريد 20 الف دولار عدا ونقدا !!
– على ماذا…؟؟ كل اللي فملته انك ضربت بالمطرقة الصغيرة لدقيقة واحدة على الموتور ..هل يحتاج هذا الجهد البسيط الى هذا المبلغ، نرجو أن تقدم لنا فاتورة مفصلة.

وافق الرجل العجوز وكتب لهم فاتورة تبين التكاليف ، حيث كتب فيها :
– دولار واحد، بدل استخدام المطرقة !!
– تسعة عشرا الفا وتسعماية وتسعة وثمانون دولارا- بدل اكتشاف المكان المناسب للطرق على الموتور !!
المجموع: عشرون الف دولارفقط لا غير، بلا ضرائب!!
المغزى من وراء ذلك:
صحيح أننا قد نحتاج الى الطرق بالشاكوش حتى نصلح موتور أمتنا العظيمة الذي أصابه الإعياء ، لكن علينا ان نتعب ونفكر كثيرا اين نطرق ، والا ذهبت طرقاتنا هباء ، وربما أدت الى خراب الموتور أكثر وأكثر .
ghishan@gmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى