ليدهسني أردني!!! / جمال الدويري

ليدهسني أردني!!!

…وفي حرم الحديث عن الكرامة الوطنية والإنسانية, وتحت طائلة المسؤولية العظمى وأحكام قانون الجرائم الإليكترونية والمثول أمام أمن الدولة الموقرة, بتهم كثيرة خطيرة أقلها, الإساءة للعلاقات مع دولة صديقة جدا, لها رعايا على أرض دولتنا العزيزة, يدهسون ويفرون, ويقتلون ولا يتحملون المسؤولية الأخلاقية والقانونية المترتبة على كل اردني يدهس اي كائن حي على شوارعنا, وبعد أن انتقل المواطن الأردني المدهوس الى جوار ربه, فلا بد من الكتابة بألم ومرارة, وبعد الترحم على روح الفقيد والدعاء له بحسن المثوى, ولأهله وذوية بالصبر والمواساة, فقد بات بحكم المؤكد, ان هناك ثمة اتفاقيات جانبية بين دولتنا/دولة المعازيب, وضمن جغرافيا سيادتنا الوطنية, والدول الضيفة التي تعمل على اراضينا, لا تساوي بين المواطن الأردني ومواطني هذه الدول, لا بالحقوق ولا بالواجبات, ولا بالقيمة الإنسانية للفرد والجماعة, وتمنح الضيوف حقوقا ليست لهم, وتعفيهم من واجبات نصت عليها القوانين والأنظمة الوطنية والدولية.
وقد ورد عن نبي الأمة عليه الصلاة والسلام, قوله (لا فرق لعربي على أعجمي الا بالتقوى), مما يعني ضمنا ان لا فرق ايضا لأعجمي على عربي أمام القانون والسيادة الوطنية.
فكيف تستطيع دولتنا وحكومتنا ونظامنا السياسي ان يبرروا لنا ان موت أردني برئ, تحت عجلات سيارة ضابط امريكي, يختلف طعما ولونا وتبعات عن الموت تحت عجلات سيارة أردني عاثر آخر؟
الأردني تطاله المسؤولية القانونية والعشائرية والأخلاقية والحقوقية والشرعية في آن واحد, في حين لا يخشى الأمريكي, وربما غيره من الجنسيات, ولا تطاله ايا من هذه المسؤوليات والواجبات, فلا يتم توقيفه, ولا يكدّ جاهة او يأخذ عطوة, ولا يعالج ولا يزور جريحه, ولا يُصلح ولا يُقاضى ولا يدفع دية ولا يسجن.
تحبسون أرملة تكد على ايتامها القصّر, تأخرت او عجزت عن دفع عشرات الدنانير لشركة او بنك, ولا تلاحقون ضابطا امريكيا فارا من وجه العدالة ومن موقع دهسه لأردني عاثر آخر, في حالة انفصام قانوني وسيادي مخزية وغير مسبوقة, هزت وجداننا الوطني وضميرنا الانساني.
وهنا, وقد تخطى ضغطي حدودا قاتلة على مقياس ريختر للقهر, وسكري حدود الصدمة, وكسرت الأقلام وجفت صحف الشكوى والتظلم ونعي ضمير الدولة الأردنية, التي تضعنا على شفير هاوية القيم واليتم القانوني, وكأن وجودنا وعدمه واحد غير مختلف, فقد أزف الوقت للتفكير بالرحيل والسؤال: من أعطاكم الحق والمشروعية للتنازل عن كرامة المواطن الأردني, وقيمته الإنسانية وقدسية حياته التي وهبها الله فوق ارضه وحضن وطنه, ودون ذنب له او جريمة؟
وحتى وإن تحملتم تكاليف العلاج بعد لأي وتأخير, لمصاب حادث الدهس المشؤوم, الذي أشرت له فيما سلف, والذي لم تكتب له السلامة, من الإعتداء الآثم على اوتوستراد عمان الزرقاء قبل اسابيع, فإنه من غير المقبول ان تمنح لغير الأردنيين حقوقا تفوق في حدودها الدنيا أقصى حقوق الأردنيين.
لقد تحمل الأردنيون طيلة عقود مضت, وما زالوا, أكثر مما يستطيعون, وسيقت لهم الأسباب والمبررات حتى نفذت الأسباب والمبررات, وصمتوا وقبضوا على جمر الوطن والاحتساب, أما ان يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية وما فوق, في بلدهم ودولتهم وتحت مظلة قانونهم, بالموت والحياة والتقييم, فهذا فجٌّ وقح, ولا سند له ولا قبول, وقد يأتي بما لا تحمد عقباه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى