لوفيغارو تعيد نشر حوار أجرته سنة 1922 مع ألبرت أينشتاين

سواليف

نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية حوارا أجرته مع ألبرت أينشتاين في 10 من كانون الأول/ ديسمبر سنة 1922، تاريخ حصوله على جائزة نوبل للفيزياء. والجدير بالذكر أن أينشتاين قد تطرق إلى جوانب من طفولته، ونظرية النسبية، وأبحاثه، علاوة عن مبدأه الرافض للسياسة العسكرية، كما لم يخف عدم ارتياحه من العيش في ألمانيا.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن الصحفي، ريموند ريكولي، الذي أجرى الحوار مع أينشتاين، وصفه بأنه شخص صلب البنية ويتميز بجبهة عريضة. وقد كان آنذاك يبلغ من العمر 42 سنة. وقد أشار ريكولي إلى أن أينشتاين يعشق الموسيقى التي أتقنها دون معلم، حيث يجيد اللعب جيدا على أوتار آلة الكمان والبيانو، علما وأن كلا من سباستيان باخ وموزارت كانا مصدر إلهامه. وحسب الصحفي الفرنسي، كان أينشتاين يتمتع بمظهر الفنان والموسيقي أكثر من كونه فيلسوفا وعالما.

وأكدت الصحيفة أن أينشتاين، الذي يتحدر من أصول يهودية، قد ولد في 14 من آذار/ مارس سنة 1879، في مدينة “أولم” الألمانية، لعائلة ثرية، قبل أن ينقله والداه إلى مدينة ميونيخ. وقد عاش أينشتاين في منزل جميل محاط بحديقة شاسعة. وقد كان والده رجلا مثقفا ومتعلما، في حين كانت والدته سيدة متفائلة ونشطة على الدوام.

وفي وسط هذا الجو العائلي الهادئ، قضى أينشتاين السنوات الأولى من حياته. ومع مرور الوقت، تقلصت ثروة عائلته، وبالتالي اضطر والداه إلى أن يهاجرا إلى مدينة ميلانو الإيطالية، فيما خاض أينشتاين مسيرة تعليمية، على اعتباره طالبا فقيرا، في سويسرا.

وفي سؤال الصحيفة عن سبب رحيله عن ألمانيا وإعجابه الشديد بسويسرا، أورد أينشتاين، أن “ألمانيا دولة عسكرية ومستبدة، ولا أشعر بالراحة في مكان مشابه”. وأردف العالم، أنه “عقب صدور أولى منشوراتي فيما يتعلق بنظرية النسبية، قبلت عرضا لتولي منصب أستاذ في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، وذلك بعد عودتي من رحلة قصيرة قضيتها في جامعة براغ. وقبل الحرب بقليل، تحديدا في ربيع سنة 1914، قدمت لي أكاديمية برلين للعلوم، منصبا دائما لتعليم الفيزياء فضلا عن إدارة جمعية القيصر فيلهلم”.

والجدير بالذكر أن أينشتاين قد اشترط مقابل قبوله بهذا العرض التمتع بحق إبداء رأيه بشكل كامل والحفاظ على جنسيته السويسرية.

ونقلت الصحيفة توضيحا لأينشتاين حول نظرية النسبية المتعلقة بالزمن. وفي هذا الصدد، أفاد، أينشتاين أن “المدة الزمنية تختلف من شخص إلى آخر، حيث يمكننا القول إن الساعة التي يقضيها المترجل على الطريق تكون أبطأ من الساعة التي يقضيها سائق السيارة على الطريق، وهذه الساعة تعد بدورها أبطأ بكثير من الساعة التي يقضيها سائق الطائرة في الجو وهكذا دواليك، وذلك نظرا لأن الحركة تختلف بينهم”.

وأضاف العالم الألماني الشهير، أنه “ليس هناك قيمة لكل من الفضاء والوقت، بل لا وجود لهما أصلا، فهما يعتمدان فقط على حركة السرعة، ولكنهما في الوقت نفسه يكملان بعضها البعض”.

وأوردت الصحيفة أن أينشتاين قد تلقى نقدا لاذعا، وصل بعضه إلى حد إهانته، على خلفية نظرياته. ويعود السبب وراء ذلك في المقام الأول إلى أنه كان يهوديا، فضلا عن أن ابتكاراته الجديدة قد فندت أراء متداولة ودمرت نظريات قديمة.

وفي هذا السياق، أفاد أينشتاين، قائلا: “لقد حاول البعض تناول بحوثي العلمية في إطار نقاشاتهم وتوظيفها في خضم الصراعات السياسية”.

وذكر ألبرت أينشتاين أن فلسفة إيمانويل كانت في الرياضيات لها وقع قوي جدا، في حين أن جل الفلاسفة كانوا خبراء ناجحين في العلوم الرياضية. ومن بين العلماء في مجال الرياضيات الذين أثنى عليهم أينشتاين، الفيلسوف الفرنسي، هنري بوانكاريه.

وأشارت الصحيفة إلى أن أينشتاين لم يتوان عن ضرب كل القوانين التي تمت صياغتها في مجال “الميكانيكا”، والتي تم إقرارها انطلاقا من كوبرنيكوس مرورا بغاليلي وكيبلر، وصولا إلى نيوتن، عرض الحائط. ففي الواقع، كان أينشتاين يؤمن بأن عملية صياغة نظريات جديدة يجب أن تمر أولا بتدمير النظريات القديمة.

وتساءلت الصحيفة عن مستقبل ألمانيا بعد الحرب العالمية من وجهة نظر ألبرت أينشتاين. وفي هذا السياق، أفاد أينشتاين، قائلا: “أعتقد أنها ستلتحق بركب الدول الديمقراطية لكن بعد مرورها بعدة اضطرابات”. وفي الأثناء، دعا أينشتاين إلى ضرورة استعادة العلاقات بين الجارتين ألمانيا وفرنسا، لما تكتسيه من أهمية خصوصا في المجالات الثقافية والعلمية. وقد علل ذلك بأن كلا من أطباء، وعلماء، وفيزيائي البلدين كانوا على مر الزمن في علاقة تعاون، كما كانوا على اطلاع على البحوث العلمية لنظرائهم في البلدين.

وفي الختام، أقرت الصحيفة على لسان الصحفي، ريموند ريكولي، الذي توفي سنة 1950، والذي التقى بأينشتاين خلال إجرائه لتحقيق في ألمانيا، بأنه على امتداد عشرين سنة خاض عدة لقاءات جمعته بشخصيات شهيرة مختلفة، على غرار، رؤساء دول، وملوك، وقادة عسكريين، وفنانين، وكتاب… ولكن ألبرت أينشتاين يعد الوحيد الذي تطرق إلى الحديث عن أهمية القوة الفكرية والعقلية.

عربي 21

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى