لماذا خرجت هذه الشخصية العنيفة ؟ / ماهرابوطير

لماذا خرجت هذه الشخصية العنيفة ؟

العنف الذي نراه في المدارس، ليس الا ابنا شرعيا، للعنف في كل البلد، بشكل عام، وهو عنف نراه بين الناس، وبعد كل انتخابات، وفي الجامعات، وفي تعاملات الناس يوميا.
هذا العنف نراه في دول اخرى، قد تكون اكثر ثراء من الاردن، لكن العامل الاقتصادي، سبب، وليس المسبب الاساس، وكل الدراسات تؤكد ان العنف ثقافة في البلد، وليس ادل على ذلك، من ان امثلة كثيرة، تحض على العنف، من بينها ” اللي بتعرف ديته طخه” او ” كل راسماله رصاصة” او ” راسمالو فنجان قهوة”، او ” من الله دولة” او ” انت مابتعرف مع مين بتحكي” وهي جمل سائدة على ألسن اغلبيتنا،بمعنى الاعتداد والاعتزاز بالنفس، الى امثال كثيرة، تشرعن العنف ، وتجعله امرا عاديا، غير محفوف بالكلف الاجتماعية او القانونية او المالية.
يضاف الى ذلك البنية الاجتماعية التي تدرك ان اي حادثة، سيليها محاولات لاصلاح ذات البين بين الناس، بل ان الذي لايقبل الجاهات ولامحاولات الصلح، يكون مدانا اجتماعيا، وهذه مفارقة، لان المطلوب ان يثبت الضحية واهله، انهم كرام لايردون الكرام عن بوابات بيوتهم، بدلا من معاقبة الفاعل وتركيز المشكلة على صاحبها، لا على الضحية، وبرغم ان هذه التفاهمات الاجتماعية تحل مشاكل كثيرة، بين الناس، الا ان الافراط فيها ادى كما نرى الى شيوع العنف، وعدم الخوف من نتائجه.
الفقر قد يكون سببا، لانه يحرض على الغضب، والتوتر، والانفعال، فيتصرف الشخص بطريقة غير طبيعية، وفي مرات، قد يتورط في العنف، من هو مدمن على الخمور او المخدرات، فيتورط بالجريمة وهو غير يقظ تماما، اضافة الى ان هذا المنسوب من العنف ارتفع خلال السنين الاخيرة، حصرا، جراء حالة التأثر بما يجري في دول الجوار، فأرتفعت سقوف التعبير الشخصية في الاردن، ولم يعد هناك خشية من المؤسسة الرسمية، او العقوبات، ولايمكن ان ننكر هنا، ان الربيع العربي في بعض صوره غذى الانفلات، والفردية، والشعور بالانا، لدى شعوب كثيرة.
العنف ايضا يتأسس في الوعي العام، عبر جعله عاديا ومألوفا، بكثرة الحديث عنه، ونشر صوره وفيديوهاته، في الاعلام او وسائل التواصل الاجتماعي، او عبر تسلله عبر شاشات التلفزة، اضافة الى مايبثه الاعلام من مشاهد قتل مرعبة يوميا، في هذا العالم فيصير قتل الانسان، امرا عاديا، وليس غريبا، فما بالنا بمجرد مشاجرة او طعنة بسكين، او مجرد رصاصة، وهذا امر بحد ذاته قد يكون خارج عن السيطرة، لان التغذية هنا، لايمكن التحكم بها، الا تدريجيا، وخفضها قدر الامكان.
لكن العجز يتبدى فعليا، بعدم القدرة حتى الان، على وقف هذا العنف، ولربما يستسلم بعض الخبراء، ونسمعهم يقولون ان هذه هي حياة المدن في كل العالم، والذي يتابع مايجري في مدن كثيرة، يكتشف ان الجرائم مرتفعة، والعنف بلا حدود، من حوادث القتل في مدارس الولايات المتحدة، وصولا الى نماذج كثيرة، لكن هؤلاء يتناسون هنا، ان الاصل ان لدينا بنية اجتماعية وثقافية من المفترض ان تخفض من هذه السلوكيات، لكن الواضح، ان التغيرات متسارعة وهائلة على كل المستويات.
لايكفي التنديد، ولايكفي الوعد بتغيير الناس، ولابد من فحص هذه الظاهرة بشكل اعمق، تحت سؤال يقول لماذا خرجت هذه الشخصية العنيفة، بعد ان كانت متوارية وغير ظاهرة؟!.
هذا هو السؤال.
maherabutair@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى