لماذا الموصل وحلب ؟ / جروان المعاني

لماذا الموصل وحلب ؟

ملامح الحياة هشة في الحلب والموصل، ولعلها اكثر هشاشةً في بقية البلدان العربية، ففي بلاد الحرب الحياة اقوى من الموت لكنها في بلاد النفط يكللها ذل وخنوع حيث النفط يحرق اهله، وفي بلاد المغرب عاد الجلاد ليعلن ان حرية الفكر ستؤدي لخراب البلاد فكانت مصر قدوتهم بالقمع والارهاب.
ملامح الحياة قاسية في مخيمات اللجوء في ظل المطر والبرد الذي يشتد يوما فيوم، لكنها ستكون اكثر قسوة على سكان القصور وحراس القبور، والمقاربة معنوية لكن الواقع قسوته امر وانكى .
لماذا حلب ؟ لانها من اقدم مدن الدنيا وتختصر معالمها كثيرا من التطور الذي صنعه الانسان السوري، لانها بلد سيف الدين الحمداني والمتنبي وابن جني وابو فراس الحمداني، ولأن صلاح الدين الايوبي جعلها مدينة العلم الاولى وقلعتها مفتاح هزيمة الفرنجة، وحلب هي المدينة الاغنى وصاحبة الصناعات السورية الاولى لذا يجب اعادتها للحالة البدائية .
ثم لماذا الموصل ؟ لانها صانعة الحرير واهم مدن العراق النفطية والاهم انها تمتلك خط سكة الحديد العريض الذي يربط العراق بدير الزور وحلب، لان الموصل تربط دجلة بالفرات ومفتاح خراسان وفيها من اهل العلم والشعراء وعاصمة الاشوريين الذين حكموا الدنيا.
هشاشة الاحساس بالكرامة ليست بالامر الجديد، واختيار المناطق التي يجب ان تدمر امر تعلمه اسرائيل والغرب جيدا، فلو افترضنا ان الفوضى ستدب على السعودية ستكون مكة والمدينة هم الاكثر عرضة للدمار قبل جدة والرياض، ولو دبت في مصر ستكون الاسكندرية قبل القاهرة، فبكل بساطة كل ما في الدول العربية من خيرات ونفط من المحيط الى البحر بيد الغرب الا التاريخ والحضارة فيراد لهن التدمير وتدمير نفس الانسان العربي التي تتعلق بهذه الحضارة .
قد قتلوا كل ما هو جميل في حياتنا، وتركونا نصفق لعباس مع كل اعلان له عن قرار يسارع بموت منظمة التحرير ويعلن تصفية النضال في فتح، جعلونا نفرح لتخفيض النفط قرشين في الوقت الذي اصبح فيه الدينار بلا قيمة شرائية، والجنيه المصري لا يصلح الا للف الفلافل .
تضيق البلاد باهلها ويهدم التاريخ والدين، والحكم على مروج المخدرات (الجوكر) لا يتعدى السنة في السجن، في حين ان قوانين السير تستهدف جيب المواطن لا تربيته وتعليمه فنون القيادة على الطريق.
الموصل وحلب تجسيد لمهانة العربي وتآمر القادة على الانسان وتاريخه، وان كنت ممن لا يؤمنون كثيرا بالتاريخ كحوادث لكني جدا مؤمن بالمنجز الحضاري للانسان واثرها في الاخلاق والانتماء .
في مقالة مؤثرة عنوانها وجهنا الحقيقي كتب الاعلامي احمد حسن الزعبي عن الرقيب محمد الهزايمة وزملائه بالتبرع بالدم لطفل مصاب بالسرطان، رأى اباه يبكي، لست استغرب فمحمد الهزايمة لا تبعد قريته عن قرية احمد الدقامسة كثيرا، الذي ثارت ثائرته على دينه وارضه وعرضه، نعم هذا وجهنا الحقيقي ولكن ترى الى متى ستبقى فينا بقية من هذه الكرامة، ونحن نرى حال الموصل وحلب .
هشاشة وجودنا وحاجتنا الدائمة للمعونة والاقتتال على مهام وزارة الخارجية والشعور الدائم بأن الغد غامض وازدياد مخيمات اللجوء و(الحزن القابع في الاعماق على ضياع القدس وغيرها من المشاعر السوداء اتجاه ما يحدث تجعلنا نكره حتى سقوط المطر على الصحراء ونعلن غضبنا على القادة واصحاب الاجندة السوداء).

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى