كيف تصبح وطناً؟

مقال الخميس 11-1-2018
كيف تصبح وطناً؟
مع الارتفاع الجنوني للأسعار والضرائب وفوقها تسعيرة البترول الشهرية التي صارت مثل العمر تتقدّم ولا تتراجع..ترى ماذا سيحلّ بنا بعد عشر سنوات مثلاً لو ظل العيش على هذا الإيقاع؟.
يعجبني المسلسل الكرتوني “فلونة روبنسون” عندما وجدت العائلة نفسها في جزيرة نائية وبدأت تتكيّف مع الوضع الجديد..نحن أيضاَ علينا أن نتكيف مع الوضع الجديد وان نعتبر ما مرّ من أيام مرفهة مجرّد شهر عسل طويل او إجازة بين شقائين لا أكثر..طبعاً هذا التقشّف والتكيّف ليس اختياراً أو مسابقة تلفزيونية لقياس القدرة على التحمل وإنما هو اضطراري إجباري بسبب الأزمات الاقتصادية التي تضرب دول العالم جميعها دون استثناء..
الحياة المثالية مقوماتها بسيطة : بيت خشبي مبنيّ فوق شجرة ،عنزة حلوب ، تسع دجاجات وديك ، بقرة تسرّ الناظرين ،بارودة ،سراج، وقطعة أرض فارغة تقسم على شكل مستطيلات تزرع فيها الطماطم والبطاطا والذرة والقمح..بهذه العناصر البسيطة تستطيع أن تعيش حياة هانئة كل مدخلاتها من إنتاجك أنت وكل مخرجاتها من إخراجك أنت أيضاَ ، دون أن يهدّدك أحد أو تخشى أحدا أو ترجو أحداً أو تقلق من تقلبات السياسة والاقتصاد في بلدك أو حول العالم..بالمناسبة آباؤنا عاشوا بمثل هذه الأجواء لذا كانوا الأقل توتراً والأقل فزعاً وضنكاً كانوا يعيشون إنسانيتهم كما يجب ويعلكون أعمارهم على مهل، في صباحات الشتاء يذهبون إلى السهول يبذرون الحبوب في الأرض ويرجون الله أن يمطرهم ليعيشوا ، في بيوتهم كانت زرائب الأغنام والأبقار يعلفونها، يحلبونها، يستهلكون حاجتهم ويبيعون الفائض ،طحينهم في بيوتهم من إنتاج قمحهم ،الخبز في البيت ، والبيض من إنتاج دجاج الدار ،والسمن والزبدة والجبن وبعض الخضار كلها إنتاج “الحوش” في الصيف يحصدون المحاصيل ،يستهلكون حاجتهم ويبيعون الفائض ويدخّرون القشّ والتبن لإطعام أنعامهم في الشتاء ..وهكذا تستمر دورة الحياة.صحيح ان الجهد البدني كبير لكن الجهد الذهني قليل وبالتالي لا جلطات ولا سكتات دماغية ولا اكتئاب ولا سكري ، الآن جهد بدني قليل و ماكنة دماغية لا تهدأ فصوت مذيع الأخبار يرافقنا إلى وسائدنا وبالتالي السكتات الدماغية أكثر من الخلافات العربية العربية ..
الملخص ، كلما زادت بساطة الحياة وقلّت تعقيداتها كلمّا قل تأثرها بتقلبات المحيط ،وكلما زاد الاعتماد على الذات في الإنتاج والعيش وتدبير الشأن اليومي كلما أصبح الإنسان وطناً بحدّ ذاته محصّن من جنون السياسة والاقتصاد وضيق الحياة..

شئنا أم أبينا سنرجع للأرض يوماًَ..فلنرجع لها أحياء قبل أن نرجع لها أمواتا..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. الاستاذاحمد مقالك جميل وصادق كعادتك.كلما مضت سنوات نتحسر عليها ونعتبرها افضل نحن ندرك جيدا ما يمر به هذا الوطن لابدمن التضحيه لاجله مع مكافحه جديه للفساد هذا وقت التضحيه ونكران الذات من كل مواقع وفئات الشعب الوطن اغلى ما يمتلكه الانسان كثيرا ما نشاهد ربطات من الخبز لم تمس تلقى في الحاويات كثير من اللناس يستهينوا بالخبز لرخصه اما اسعار الفواكه وخاصه الخضار في السوق المركزي فتباع بادنى الاسعار حتى ان بعض الاصناف يلقى به ولا يباع لكن الجشع الشديد عند بائعي المفرق لايصدق حتى ان المرء ليعتقد ان المزارع المسكين يعيش في وفره لكن العكس هو الصحيح.عدا عن المبالغه في الاسعار حتى اصبحت الحياه عندنا من اغلى بلاد العالم كل هذه الامور لو انتبهت لها الحكومه لاصبحت الحياه اقل مشقه فالفقر والمعاناه تزداد كثيرا لدى الناس حمى الله هذا الحمى.

  2. أحد بروتكولات حكماء صهيون إستعباد البشر.. وهل من طريقة أفضل من إستعباد البطن..؟!

  3. وهل تعتقد ان الحكومة ستتركنا و شئناا في حال عملنا هذا العمل؟؟؟ ستفرض ضرائبها و تفاسمنا على شقائنا

  4. مقال رائع وصادق كعا عهدناك أستاذ أحمد…ومقلك يحكي ما أفكر به كل يوم وأنا أتابع فلونة على سبيس تون ما بين الخامسة والسادسة وأثناء تناول الغداء مع الأطفال..الأردن كان وسيبقى زراعي…وأي خطة تنموية تركز على هذه الحقيقة فهي ناجحة ..وعدا ذلك ….وجربوها كثار…فلا نجحت ولن تنجح….العودة الى الأرض هي البداية الصحيحة

  5. طيب واللي ما اله متر يزرعه زي اكثر من 70% من الاردنيين ؟ شو يعمل ؟ يهاجر ولا يظل حياته نكد وزفت مغلي زي ما هي اليوم ؟ حلها يا ابو عبدالله

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى