كيف اطاح الطراونه بحكومه الملقي / المحامي فيصل البطاينه

كيف اطاح الطراونه بحكومه الملقي

فاجأني الاستاذ سعد ابو ديه بمقالته التي جاء بها ان المرحوم احمد الطراونه قد اطاح بحكومه فوزي الملقي معتمدا على روايه لا سند فيها . وان استقاله المرحوم فوزي الملقي كانت حسب الوثائق البريطانيه الرسميه كما يلي :
تحليل سبب استقاله الملقي
بعث القائم باعمال السفاره البريطانيه في عمان الى وزير الخارجيه انتوني ايدين بتقرير مكتوم تاريخه 5 ايار (مايو) 1954 (محفوظ في ملف الخارجيه رقم fo371/110875) معقبا فيه على استقاله الحكومه الاردنيه، ومحللا السياسات التي اتبعتها منذ مجيئها الى الحكم وحتى استقالتها :-
“سيدي”
“كما ذكرت في برقيتي رقم 234 استقاله حكومه فوزب الملقي في 2 ايار (مايو)
“2_هذه حكومه موجوده في السلطه منذ ما يقرب من سنه بالضبط. وقد جاءت على اساس برنامج يتضمن “حريه الرأي، والاجتماعات العامه، والنشر والتنظيم الساسي”. وكما قال المستر فيرلونج مرارا وتكرارا في تقاريره، فقد نفذت الحكومه هذه السياسه الى مدى اثار بصوره متزايده مخاوف الرأي العام المحافظ والرأي في الضفه الشرقيه. وادت (تلك السياسه) الان بالقصر الى اقالتها.
“3_يحتمل ان رئيس الوزراء كان مخلصا تماما في نياته الليبراليه، فهو يؤمن بالحريات الديموقراطية، وكان مهتما بصدق بتفميك ما وجد في الاردن من مظاهر دوله بوليسية واحلال حكم القانون محلها. واتخذت حكومته، سعيا لتحقيق هذه النيات عددا من الاجراءات كان اهمها قانون الصحافه، والقانون المضاض للشيوعيه، وقانون تنظيم الاحزاب السياسيه، وتعديل الدستور الاردني (انظر تقاريرنا المرسله من عمان رقم 203 بتاريخ 2 كانون الاول/ديسمبر، ورقم 23 بتاريخ 3 شباط /فبراير، ورقم 65 بتاريخ 26 نيسان /ابريل). ولسوء الحظ اقترنت نيات رئيس الوزراء الحسنه تلك بعدم قدرته على قول “لا” وبقدره فائقه على تجريد خصومه من اسلحتهم وتحقيقه ذلك جزئيا يتبنى سياساتهم. وكان نواب الضفه الغربيه القوميون المتطرفون

في البرلمان اكثر المستفيدين من ضعفه.
“4_ كان اولائك النواب المتطرفون في كثير من الاحيان، في مركز تقرير التوازن بين مؤيدي ابو الهدى ومؤيدي الحكومه، وتمكن رئيس الوزراء بمزيج من الاستجابه لافكارهم واللعب على مخاوفهم، من احلال حكومه اخرى اكثر حزما محل حكومته، من الاحتفاظ بسيطرته على البرلمان، فخلال مناقشه الموازنه، على سبيل المثال، جلس الوزراء صامتين في وجه حملات قاسيه على الصله مع بريطانيا شنها اولائك النواب، الذين صوتوا بعد اذ بالموافقه على الموازنه.
“5_ان عجز رئيس الوزراء المعهود عن قول “لا” لم يؤد به، لسوء الحظ، الى قبول المشوره البريطانيه بخصوص معالجه مسأله فلسطين. ففي هذا المجال كان يسيطر عليه ذلك الفلسطيني الكبير الطافح بالمراره والعناد، الذي كان وزير الخارجيه في حكومته (الدكتور حسين فخري الخالدي) *(12).
ولا توجد ادله قويه تؤيد زعم فوزي الملقي ان الرأي العام في الاردن والدول العربيه جعل من المستحيل تماما على الحكومه الاردنيه قبول دعوه الامين العام للامم المتحده لحضور مؤتمر بمقتضى الماده 12 (3)اتفاقيه الهدنه العامه، فالحقيقه هي ان الحكومه الاردنيه نفسها قامت، تحت ضغط عنيد من حسين الخالدي، بتضليل الرأي العام بالنسبه الى هذه القضيه، اذ لم تبذل(الحكومه) جهدا لشرحها، وهو ما كان يمكن عمله بسهوله بنشر نص الماده 12(3) واضافه تعليق مناسب.
وبمجرد ان بدأت (الحكومه) السير على نهج الرفض، ازدادت صعوبه عكس هذا النهج واصبحت الحكومه في نهايه الامر اسيره رأي عام فعلت الحكومه نفسها الشئ الكثير لايجاده”.
في الفقره السادسه يطري القائم باعمال السفاره البريطانيه على الانجازات الاقتصاديه لحكومه الملقي، ثم يمضي فيقول في الفقره الحكوميه السابعه :
“7_بقي فوزي الملقي على اتصال وثيق مع سفير صاحبه الجلاله طوال سنه حكمه، واثبت تعاونه في عدد من المسائل، وهي بصوره عامه تلك التي استطاعت تسويتها من دون الرجوع الى زملائه. وكان اهم تلك المسائل نقل الوحده البريطانيه المدرعه الى معان. ولكن لا بد على اي حال من الاقرار بانه لم يتم تعزيز الصله البريطانيه خلال مده حكومته، اذ ان تساهله مع القوميين المتطرفيين مكنهم من استغلال المخاوف التي اثارتها عمليات الانتقام الاسرائيليه على الحدود، ومن ايجاد قدر من الدعايه لم يسبق له مثيل ضد مركز بريطانيا هنا. ولا شك في انه يمكن

تجاهل الشيء الكثير من هذه الدعايه , ولكن لا بد انه سيبقى لها بعض الاثر . وعندما التقيت بالملك للحظات قصيره يوم 3 مايو قال ان تجربته في الحكم الليبرالي لم تثبت نجاحا كبيرا . غير انه قال انه لا يساوره احساس تام بعدم الرضى لان التجربه اعطت بعض الاشخاص الجدد خبره في الحكم ومن شأنها ان توسع مجال اختياره للمستشارين في المستقبل .
بتاريخ 6 ايار (مايو) 1954 بعثت السفارة البريطانيه في القاهرة برساله (محفوظة في ملف الخارجية رقم fo371/110875الى) الى السفارة البريطانية في عمان جاء فيها:”اعتبرت الصحافة القاهرة
استقالة حكومة فوزي الملقي يوم 2 ايار (مايو)نتيجة لضغط بريطاني
على الحكومة الاردنية ,لحملها على التفاوض مباشرة مع اسرائيل -وان هذا الضغط ادى برئيس
الوزراء الى الاستقالة بدلا من الاستسلام له”.ثم قالت الرسالة:
يوم 6 ايار (مايو) نشرت “الاهرام” مقالات على صفحتها الاولى تتهم بريطانيا بممارسه ضغط على الحكومه الاردنيه بصوره مباشره وفي الامم المتحده .
ونرفق ترجمه لهذه الامقالات”.
وارسلت السفاره البريطانيه ترجمه للنقاط الرئيسيه الوارده في مقالات “الاهرام” على النحو الاتي :
“تعزو الصحيفه الاستقاله الى تدخل بريطانيا في شؤون الاردن . وقد سجلت التطورات التاليه :-
“1-غضب البريطانيون من سياسه الحكومه المستقله التي سمحت بحريه كامله للتعبير اسفرت عن حمله معاديه لبريطانيا في البرلمان والصحافه .
“رفضت الحكومه المستقله الاستسلام لضغط بريطاني هدفه اجراء محادثات سلام مباشره بين الاردن واسرائيل .وقت انهت الحكومه ايضا خدمات بعض الضباط البريطانيين الملحقين بالجيش العربي ,
لانها وجدت انهم لم يقومو بواجباتهم عندما هاجمت القوات الاسرائيليه قريه قبيه الاردنيه في الاونه الاخيره
“3-طلب البريطانيون مساعده الامريكيين في زياده الضغط على الاردن .لحمله على الموافقه على اجراء محادثات سلام مع اسرائيل
واتخذ التعاون البريطاني _الامريكي اشكال عده :-
(أ)رفضت وكاله الامم المتحده لغوث وتشغيل اللاجئين في بعض الاحيان شراء قمح اردني للاجئين، واصرت على استيراده من فرنسا، بالرغم من وجوده بكميات وفيره في الاردن.
( ب) اخرت اداره النقطه الرابعه *(18) تنفيذ المشاريع المتفق عليها بحجه انها تحتاج الى مزيد من الدراسه.
“4_ لم تنفذ بريطانيا التزاماتها بموجب معاهدتها مع الاردن، ونبهت الحكومه الاردنيه المستقيله الى ذلك في مذكره قويه اللهجه الى الحكومه البريطانيه، في اعقاب بيانات المستر ايدن في مجلس العموم عن موقف بريطانيا تجاه الاردن لجهه نزاعه مع اسرائيل.
“وقد ردت بريطانيا بانها تتمسك بالتزاماتها بمقتضى المعاهده، لكن على الاردن ان يتقيد بشروط اتفاقيه الهدنه بينه وبين اسرائيل والتي تطلب من الطرفين السعي الى وسائل وسبل لاجراء محادثات سلام مباشره ورفضت الحكومه المستقيله هذا الاقتراح البريطاني.
“5_ برزت صعوبات اخرى عندما صوت البرلمان الاردني بالموافقه على توجيه شكر الى رئيس الوفد السوفيتي اندريه فيشنسكي لتأييده وجهه النظر العربيه في مجلس الامن الدولي.
وقد رد فيشنسكي بابلاغه المندوب الاردني بانه سيواصل تأييد القضيه الاردنيه في مجلس الامن.
“6_ شعرت بريطانيا بأن زمام الموقف اخذ يفلت من يديها، وبانه لا بد من عمل شئ بخصوص الوضع العام في الاردن.
وبناء على هذا، سحبت سفيرها، المستر فيولونغ، الذي فشل في تنفيذ سياستها.
“7_يوم السبت الماضي، وبعد مضي سنه بالضبط على وجودها في السلطه، عقدت حكومه الدكتور فوزي الملقي اجتماعا لاستعراض الموقف. وقدمت في اليوم التالي استقالتها.
“وفي تقرير اخر من نيونورك “الاهرام” ان دبلماسيين عربا في واشنطن تلقوا تقارير سريه تبين ان البريطانيين يسعون الى “عزل” سياسه الاردن عن سياسه البلدان العربيه الاخرى، والضغط عليه من اجل الدخول الى محادثات مباشره مع اسرائيل اما بخصوص الوضع على الحدود او تسويه سليمه.
(…) “.
وفي 10 ايار (مايو) 1954 بعثت السفاره البريطانيه في عمان ببرقيه الى وزاره الخارجيه في لندن رقمها 249 (محفوظه في ملف الخارجيه البريطانيه رقم)(fo371/110875)
قالت فيها ان ثمه ادله تثبت ان فوز الملقي وبعض اعضاء حكومته السابقه يحرضون على نشر مقالات صحافيه تقول ان الضغط البريطاني هو الذي ادى بالحكومه الى الاستقاله.
واصلت الصحافه المصريه تعليقها على استقاله حكومه الملقي. ونشرت صحيفه “الاهرام” يوم 11ايار(مايو) مقالا من مراسلها في عمان سامي حكيم، قال فيه ضمن ما قاله_وفقا لترجمه السفاره البريطانيه مقاله الى الانكليزيه_ انه اكتشف ايضا الخلافات التاليه بين بريطانيا وحكومه الملقي، وهي خلافات “لم يرد لها ذكر من قبل” :
“(1) طردت الحكومه، بناء على مطالبه من الشعب المدير البريطاني للاستخبارات.
“(2) طردت الحكومه ضابطين بريطانيين من الجيش في ما يتصل بالهجوم الاسرائيلي على
على نحالين، بعد ان اثبت التحقيق انهما لم يساعدا القوات المحليه لنجده القريه.
(3) ارادت حكومه الماقي تعديل المعاهده بين بريطانيا والاردن ”
وخلاصه القول لا توجد بالوثائق ذكر لاي كلمه مما كتبه الاستاذ ابو ديه . من مقالته بالمواقع الالكترونيه . ولن يظلم التاريخ احدا وان غدا لناظره قريب.

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى