رئيس الوزراء عابر الحكومات

رئيس الوزراء عابر الحكومات
موسى العدوان

الدكتور عمر الرزاز شكل حكومته الأولى بتاريخ 4 حزيران 2018، بعد الإطاحة بحكومة الدكتور هاني الملقي، إثر احتجاجات الدوار الرابع. ومع كل التفاؤل بالحكومة الجديدة إلاّ أنها خيبت آمالنا بها. فرئيسها أشبعنا خطابات إعلامية وتغريدات مغموسة بالسمن والعسل، دون أن نرى لها أثرا ملموسا على أرض الواقع.

ورغم مرور عام ونصف تقريبا من عمر هذه الحكومة، وإجراء أربعة ترقيعات عليها طالت 52 وزيرا، إلاّ أنها لم تقدم عملا واحدا يقنع الشعب بحسن أدائها، بل انتقلت من فشل إلى فشل ومن أزمة إلى أخرى، كانت أهمها أزمة البحر الميت التي أودت بحياة عدد من المواطنين، معظمهم اطفالا في الصفوف الدنيا. وبدلا من محاسبة المسؤولين عن الحادث جرى تكريمهم بمناصب رفيعة. وأما الأزمة الثانية فكانت إضراب المعلمين التي شلت حركة البلد لما يقارب الشهر، دون أن تجد الحكومة حلا مناسبا لها، إلى أن فرضت نقابة المعلمين حلها الذي ارتأته عليها.

ولإنصاف فقد نجحت الحكومة فعلا برفع الأسعار مرات عديدة والجباية من جيوب المواطنين، وزيادة الضرائب التي تسببت بهجرة الشركات، وإغلاق المحال التجارية والشركات الصغيرة، ودمرت معظم شوارع عمان لإيجاد طريق للباص السريع، الذي حلمت به الحكومات دون أن تراه منذ 10 سنوات وحتى الآن. وكان بالإمكان استبداله بحافلات النقل الجماعي، بعيدا عن هذا الخراب وتعطيل مصالح الناس. كما نجحت بإلغاء المسرب الثالث على الطريق الصحراوي – طريق الموت – الذي يحصد أرواح المسافرين في كثير الأحيان.

مقالات ذات صلة

أما أهم إنجاز سيسجله التاريخ لهذه الحكومة بمشاركة مجلس الأمة، فهو تشريع وتفعيل قانون الجرائم الإلكترونية – قانون تكميم الأفواه – وحجز النشطاء في الحراكات السياسية بسبب كلمة Like على منشور صغير، أو بسبب عبارة ساذجة طائرة في الهواء، من شخص بريء خائف على وطنه وحريص على سلامتها.

وفي محاولة لتطوير العمل قامت الحكومة بإجراء ترقيعها الرابع حيث أخرجت 6 وزراء وأدخلت 9 وزراء جدد، رغم أننا نعاني من ظروف اقتصادية صعبة، تتطلب ترشيق الحكومة وتقليص عدد وزرائها. ولا نعرف إن كان الخارجون هم السبب في تخلف الأداء، وأن القادمون هم من يحسنون الأداء وينعشون حكومة النهضة الموعودة خلافا لمن سبقهم ؟

واللافت للانتباه في هذا الترقيع، أن فُصلت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، عن وزارة التربية والتعليم وعين لها وزيرا مستقلا. وهنا أرجو من المعنيين أن يدلّونا على الأبحاث العلمية التي قدمتها تلك الوزارة – كما يدل عليها اسمها – خلال جميع السنوات الماضية ؟

وإذا ما حاولنا تقييم الحكومة الحالية فإنني أقول: أن الحكومة التي يجري ترقيع هيئتها أربع مرات، وتفشل في معظم المحاور التي وردت في كتب التكليف الملكي، على رئيسها أن يغادر موقعه كما يغادر راعي الغنم ثوبه الذي قام بترقيعه مرات مماثلة. رئيس الحكومة الذي يختار وزرائه أو يُفرضون عليه، دون دراسة ماضيهم وخلفيتهم العلمية والعملية، ثم يكرر ألأخطاء مرة بعد أخرى، عليه أن لا يتمترس بخندقه، بل عليه أن يفسح المجال لرئيس حكومة آخر، قد يحالفه الحظ ويعمل بنهج جديد، لكي ينقذ الوطن من أزماته المتعددة.

والسؤال الذي يطرحه الناس هذا اليوم هو: ما هو السر الذي يجعل الرزاز عابرا لأربع حكومات، وهو متربعا على رأسها لسنة ونصف قد تتجدد، رغم فشله المتواصل في كافة المجالات ؟

التاريخ : 11 / 11 / 2019

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى