كشف التزوير / د. هاشم غرايبه

كشف التزوير
جاء تأسيس الكيان الإستعماري اللقيط على أرض فلسطين من قبل المعسكر الغربي، بهدف جعله موقعا محصنا متقدما في قلب الأمة العربية الإسلامية، بعد أن تمكن صلاح الدين من القضاء على المحاولة الأولى.
ولتمكينه من البقاء هذه المرة، استفادوا من تجربتهم الأولى، فبدأوا بالقضاء على وحدة الأمة بتقسيمها أولا، وجعلوه واقعا بالإنتداب ثانيا، ثم قاموا بتعيين حكام الأقاليم ثالثا، واختاروهم ليرسخوا قناعات جديدة بديلة عن عقيدة الأمة، تستبعد إعادة توحيدها، بمسمى التقدمية المتلبسة برداء العلمانية خداعاً، لكنها في صميمها كانت تطبيقا للقطريات المفروضة في اتفاق سايكس بيكو.
يؤكد هذه الحقيقة ما قاله الجنرال الفرنسي “غورو” عندما وقف أمام قبر صلاح الدين في دمشق قائلا: ها قد عدنا يا صلاح الدين، وهو شبيه بما قاله الجنرال البريطاني “اللينبي” في فلسطين.
إذن فالكيان اللقيط هو قلعة لإدامة سيطرة القوى الطامعة، وما يقال عن أسانيد تاريخية تبرر وجوده محض افتراء، لذلك من يعترف به عن قناعة هو مخالف للشرع، ومن يشرعن وجوده باتفاقيات سلام، أومن يتعاون معه، فهو متآمر على الأمة.
لقد صُنعت أسطورة شعب الله المختار وأرض الميعاد، لإعطاء الكيان شرعية افتآتية على الله، الذي لا يميز بين خلقه، ولا يمكن أن يجيز لأحد نهب أملاك آخر، ولتوضيح ذلك يجب أن نعلم أن مسمى بني إسرائيل مختلف عن اليهود، فهم ابناء يعقوب (اسرائيل) ابن اسحق ابن ابراهيم عليهم السلام، وقد سبق وعد الله له بأن يجعل في ذريته أنبياء، لكن ليس كل ذريته، ونستنتج ذلك من قوله تعالى لإبراهيم: “قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عهدي الظَّالِمِينَ” [البقرة:124]، فكان يوسف نبيا، ولم يكن من إخوته العشرة الظالمين أي نبي ولا من نسلهم، وتوالى الأنبياء بعده وجميعهم يدعون الى الدين ذاته الذي جاء به الجد ابراهيم وهو الإسلام، ومعروفة قصة انتقالهم الى مصر، فتكاثروا، وكان منهم من ذرية يوسف بن يعقوب، ومنهم من نسل الظالمين، وهؤلاء هم الذين سموا باليهود لتظاهرهم بالتوبة بعد عبادتهم العجل فقالوا هدنا الى الله أي عدنا.
عندما أمر الله موسى عليه السلام بإخراج بني إسرائيل من ظلم فرعون الذي سلطه الله عليهم لتغلب فساد اليهود على صلاح ذرية يعقوب، والذهاب الى فلسطين كان ذلك لتنفيذ عهد الله لإبراهيم بإكمال سلسلة الأنبياء من بني يعقوب التي تنتهي بالمسيح عليهم السلام، تماما مثلما أمر إبراهيم من قبل بإسكان ابنه اسماعيل في مكة لكي تنتهي السلالة الثانية بمحمد صلى الله عليه وسلم وبذلك تنتهي الرسالات والرسل باكتمال الدين.
نستنتج من كل ما سبق أن نسل بني إسرائيل انتهى بولادة مريم ابنة عمران، ثم موت آخر نسلهم من الذكور يحيى ابن زكريا عليهم السلام، لذا كان عيسى آخر أنبياء بني إسرائيل من أم ومن غير أب، وانقطع بوفاة عيسى عليه السلام من غير أن يكون له ولد ” فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ” [المائدة:117].
لقد ورد ذكر اليهود في القرآن الكريم في سبع آيات، جميعها في معرض الذم والتقريع، فيما جاء ذكر بني إسرائيل في 33 آية تناولت أفضال الله عليهم، لذلك لا نجد في آيات الله أي تقدير أو اعتبار أو تفضيل لليهود على غيرهم من الأقوام القديمة من ذرية نوح، والتي منها من انقرض أو اندمج بغيره أوبدل موطنه أواسمه.
وعليه فلا علاقة عرقية لليهود الذين صاحبوا بني إسرائيل بيهود اليوم، ولا اتصال نسب بهم ، فأولئك نالهم ما نال غيرهم، على مدى آلاف السنين وما صاحبها من تبدل حضارات وأمم.
اليهودية هي معتقد ديني، وليست انتماء عرقيا ينتقل بالنسب، وأمر الله لبني إسرائيل بالهجرة الى فلسطين حدثت مرة وبهدف ما ذكرت آنفاً، ولو كان ذلك وعد تمليك لمرافقيهم من اليهود لما حكم عليهم بالشتات في الأرض والذلة والمسكنة الى يوم الدين.
وهكذا ينتقض الأساس الديني الذي قامت عليه هذه القلعة الإستعمارية، وتسقط ادعاءات يهودية فلسطين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى