كذبة أيار / يوسف غيشان

كذبة أيار

منذ ان أطلق كارل ماركس صرخته المدوية:”يا عمال العالم اتحدوا” ، وصداها يتردد في أرجاء العالم ، فيرتد الصدى من أصقاع الإتحاد السوفييتي السابق ، يردده المأسوف على شبابه فلاديمير ايليش لينين ورفاقه الأبرار. فتنتشر الصرخة في أرجاء العالم.
الأردن ، أيضا، يحتفل كغيره من دول العالم بذكرى عيد العمال الأسبوع القادم، وتحديدا بداية الشهر القادم، تماما كما يحتفل بيوم المرور العالمي ويوم البيئة ويوم الشجرة وأيام أخرى متنوعة.
يوم العيد أو اليوم التالي ،سوف تحتجب الصحف اليومية عن الصدور – إلا إذا حصلت ترتيبان أخرى بين أصحاب الصحف – ، فيما يعيد كتاب المقالات اليومية – ومنهم جنابي- نشر مقالة قديمة لهم حول المناسبة ، يؤكد معظمها ان العمال هم ملح الأرض ، وهم الشمعة التي تنير الطريق أمام الأجيال ، وهم الجنود المجهولون ، والعرق الذي يروي الأرض العطشى، وما يشبه ذلك من سواليف الحصيدة.
ولن تتورع الإذاعة والتلفزيون عن بث العديد من الأغاني التي تشيد بالعامل وتمجده ، إضافة إلى بث لقاءات متعددة مع بعض القيادات العمالية المفصلة على قدر ديمقراطيتنا بالضبط … ولا بأس بلقاءات سريعة على مستوى الدردشات مع عمال في مواقع عملهم لإكمال السيناريوالإحتفالي … ثم تنشر وسائل الأعلام الرسمية نصوص برقيات التهاني بين بعض القيادات العمالية وبعض السلطات التنفيذية.
الحزب الشيوعي وأحزاب يسارية أخرى سوف تصدر صحفهم – ان صدرت – بعناوين عملاقة تهنيء العمال في عيدهم،وسوف يتساهل رجال الأمن ويغضون الطرف عن بعض الطلبة الذين يوزعون هذه الصحف داخل الجامعات والمعاهد… فالدنيا عيد، كما تعلمون .
في صباح اليوم التالي ، ينسى الجميع هذه الهيزعة ، وتعود الأمور الى (مجاريها)… ويكتشف العمال ان عيدهم هو ضحكة كبرى على لحاهم وشواربهم .. وإنهم مجرد أصفار على اليمين في أرصدة السماسرة واللصوص وقراصنة الاقتصاد والسياسة، واصفار على اليسار في حسابات الحكومات، الا اذا حمّروا عيونهم واعلنوا الأضراب للحصول على حقوقهم.،رغما عن انف الحكومات، والشركات ، ونقاباتهم الرسمية المترهلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى