كبرت يا أبي / ثروة الزعبي

كبرت يا أبي
كبرت يا أبي ولم أعد تلك الطفلة التي جل احلامها أن تعود سالما من اسفارك الطويله، ولا تلك التي تضيء ولاعتك في عتمة الليالي بقرب أذنها لعلها تسمع حسيس انفاسك .
كبرت يا أبي ولم اعد تلك اليافعة التي ترسم احلاما وردية عن الانسان والحياة والامل والعطاء والطيبة.
كبرت يا ابي ولم تعد حدود عالمي كتابي ومجلتي وصحيفتي اليومية.
كبرت يا ابي منذ رحيلك الف عام
أخبرني ايؤلم الموت الاموات ام الاحياء، انبكي عليهم ام نبكي على انفسنا بدونهم، اهي انانية الانسان ام هو قدر محتوم لا ندركه الا عندما يصيب من حولنا او يغشانا بردائه.
اتعلم ان بواطن الحزن في تلك الزاوية الخفية التي تركتها وراءك هي مخاض الامل في نفسي، اتعلم ان تلك النغمة التي عزفتها لحنا خالدا في قلبي ما زالت هي منارتي التي ترشدني.
أتذكر تلك المدينة التي بنيناها سويا في القلب، اني اتذكر هندسة بيوتها المليئة بالحب، وفي كل مرة ازور تلك المدينة اعود واغمض عيني لأستشعر ملامس تجاعيد يديك وكأنها طرقات مدينة تعج بالتسامح، اما تلك العينين الصامتتين اللتين فيهما كل ذاك الصبر فمنهما استمد قوتي ودفئي في برد الليالي وعتمة المشاعر .
أبي لقد احببت من حولك بصمت، وفارقت بصمت حتى عندنا تزورتي في احلامي لا تأتي الا بصمت يحمل الف كلمة. وهأنا الان اشتاقك بذاك الصمت الذي تعلمته منك.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى