هناك من ينتظر يوم الأم ليفرح ويسعد بأمه وهناك من يتمنى لو أنه يموت حتى لا يعيش هذا اليوم الكئيب، وهناك من يظن أنه غير مشمول بحديثي هذا ولا يبالي ،تعددت المشاعر واليوم واحد .
من منّا لم يستقبل يوم الأم بلهفة كلهفة الطفل ليلة العيد ليرتدي ملابسه الجديدة ، ومن منا لم يبحث عن أبسط الهدايا وأثمنها ليقدمها عربونا لحبنا الأزلي لها، وكم من أم قالت لأبنائها إنها لا تريد منهم شيئًا هي فقط تريد أن تراهم بخير وأحسن حال، ومع أن الأمهات يتمنعن عن الهدايا أو أن تحسس أولادها بذلك إلا أن قلبها يرقص فرحاً لتقديرهم لها ،يتمنّعن وهن الراغبات .ويتفاقم الأمر ليصبح مظهرًا اجتماعيًا لمظاهر حياتنا ، وتبدأ الأمهات بالمباهاة بأولادها وما جلبوه لها من الهدايا ، الأمر الذي يجرح الكثير بقدر ما يسعد بعضهم ؛ فهو لم يبقى يومًا كأحد أيام السنة بل أصبح يومًا للنفاق الاجتماعي والأمراض الاجتماعية من حسد وغيرة و”تمسيح جوخ” على حد قولنا
تلك التي سألت ماذا ستهدي أمك؟ لتجيب الأخرى : أمي متوفية ويصفر لونها
تمنيت لو لم أرَ هذا الموقف المخزي ، لقد أصبحنا نفرح لدرجة أن نرقص على أحزان الآخرين و أوجاعهم ،
أصبحنا لا مبالين ولا يهمنا سوى أنفسنا وسعادتنا فقط.
ماذا عساه يفعل ذلك الذي فقد أمه وأتى ذاك اليوم المشؤوم فيبكي مرارًا
وتكرارًا ثم يريد أن ينسى فيتصفح “الفيسبوك” ليرى منشورا هنا عن الأم
وكعكة كُتب عليها “كل عام وأنت بخير أمي” ليقول في نفسه كل عام وأنت في رحمة الله يا رحمة الله، ماذا يفعل من يسأله الناس ماذا ستقدم لأمك فيجيبهم أن أمه ميتة؟!
سيزداد هذا الشخص بؤسا فهو لا يزور بائع الورود بل يزور القبور ويشكي هناك منا ، أنت أيها الإنسان لم تسمى إنسانًا إلا لتكون هكذا وتشعر بمن حولك فلا تستغنِ عنها- إنسانيتك- مهما حصل لك
وإن كان واستغنيت عنها فستكون حينها كل شيء إلا من فصيلة البشر الأسوياء.
ولا يعني أن هناك يومًا للأم أن لا نتذكرهم إلا فيه ، فما أجمل أمي حين أكون لها عيدًا بنجاحي في حياتي أو أن تكون قرة عين لها تسر قلبها وخاطرها ! وما أجمل ذاك الابن الذي تكون عنده ثلاثمئة وستون يوماً “يوم الأم”!
دعونا نفرح بأمهاتنا يوميًا وفي هذا اليوم أيضا ولكن بقدر أن لا نتعدى على أوجاع الآخرين ومآسيهم ،فلنفرح بصمت طالما هناك من يبكي فإن ذلك من تقوى القلوب.
سلام على أمي أول الأوطان وآخر المنافي
حفظ الله أمي وأمهاتكم ورحم الله من بقي في جواره وأسكنه فسيح جناته
