قمح وأهازيج

مقال الأربعاء 6-9-2017
النص الأصلي
قمح وأهازيج
زمان كنّا نستقبل الشهداء بالأهازيج والغناء والورد والحناء لتعظيم البطولة وتبريد فكرة الموت ،وكنا نستقبل الأسرى المحررين العائدين إلى دحنون بلادهم بالزغاريد والأرز والأناشيد كواحدة من زفرات الانتصار ..كما كانت تنعقد حلقات الدبكة في صالات المطار كلما عاد خرّيج إلينا من أمريكا او أوروبا يحمل شهادة الطب والهندسة كتعبير عفوي للفرحة الداخلية والانجاز الكبير..
لكن صرنا الآن نستقبل شحنات القمح الأمريكي تحت بند “المساعدة الغذائية” بنفس الأهازيج والغناء وحلقات الدبكة..فأين البطولة والانتصار والفرحة والإنجاز الكبير حتى نغنّي لها ؟؟ أين البطولة والانتصار والفرحة والانجاز الكبير حين تنثني أرجل الراقصين بدلاً من ان تنثني أيديهم على سنابل أرضنا و”سهول” وطننا وأمواج قمحنا..
لن أزيد على ما كتبه الزميل العزيز محمد الصبيحي وغيره من الزملاء الأجلاّء ،عندما استهجنوا كل هذه البهجة في استقبال شحنة القمح الأمريكية الأخيرة القادمة عبر العقبة ، فالحزن أعمق بكثير من كل الكلام..والخيبة من سياساتنا أكبر بكثير من حضور رسمي لــ”صدقة” قادمة من واشنطن ، حتى الرغيف الذي يصلنا صار يحتاج إلى توقيع الكونجرس والمكتب الرئاسي وفوق ذلك نستقبل هذه المنّة و”الفضلة” راقصين..
**
خمسون الف طن من القمح عُقدت لها الدبكات وفتحت لأجلها السمّاعات ومدّ البساط الأحمر و استأجرت فرق الدبكة لتُسعد المندوب الأمريكي أثناء “عتل” الأكياس الى مخازننا، يا لهذا المفارقة المضحكة المغرقة في البكاء ؛ “القمح” مساعدة إنسانية والدبكة مستأجرة والعيش كله مستعار الى حين.. خمسون الف طن من القمح كان ينتجها مزارع واحد في الرمثا في ستينات القرن الماضي فتشبع الأسواق ويصدّر الفائض إلى أوروبا فعن أي انجاز تتحدّثون وعن أي تعاون تسوّقون بعد ان صادروا الإرادة وثبّتوا المناجل في المتاحف وأقنعونا أن هناك مكانها أجمل..
يقول الخبر أن هذه الشحنة جاءت تقديراً لجهود الإصلاح الشامل التي تنتهجها الدولة..واضح حجم الإصلاح وواضح مدى شموليته ، فمن بشائر الاصلاح أن يصبح إجمالي ما ننتجه من هذه المادة لا يكفي المملكة أسبوعاً واحداً..
لا أدري بماذا شعر وزيرا التخطيط ووزير المالية وهما يضعان وشاحاً يمثل “الشماغ الوطني” على الأكتاف في استقبال قمحاً أمريكياً على شكل مساعدة وبحضور المندوب عن السفير المانح؟؟..الم تحمّر وجوههم من خيوط “الشماغ”؟!
**
في الختام ، هذا العام زرعنا نحن الأشقاء الخمسة أرضنا و حصدناها بما قسم الله لنا…في المخزن ما يكفي البذار والعيال لسنة قادمة ..صحيح أننا لن نسند الناتج المحلي ولن تفيض الصوامع من قمحنا، لكننا – على الأقل – سنأكل خبزنا بكرامة وأنفة..

فلقمة عزّ خير من الف رغيف (صدقة)!.

أحمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. الم تحمّر وجوههم من خيوط “الشماغ”؟!
    اشفقت فعلا على الفرقة التي كانت تهتف بالاهازيج الوطنية للقمح غير الوطني وللضيوف الذين اشك انهم كانوا يفهموم هذه الاهازيج
    واحسست ان راعي الحفل ليس منا…لم ينحني ظهره يوما للحصاد…ولم يحمل يوما منجلا..
    جميعهم درسوا في بلاد العم سام على نفقة الدولة…وصدقني لم ولن تحمر وجوههم من خيوط الشماغ لانهم لم ينسجوه اصلا
    لم ينسجوه يا صديقي …ولن تحمر وجوههم ..لأن رغيفهم ليس كرغيفنا
    رغيفهم ليس كرغيفنا يا صديقي

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى