“قلم رصاص” / سعيد سليم

يثار في ذاكرتي شجن ، و أشتاق أياما كان يلونها قلم رصاص. تعلمنا به أحرف حياتنا الأولى، وكلمات الحب الأولى.
به رسمنا على هوامش الكتب و الدفاتر ، قلوباً وطيوراً و أمنيات تسافر بنا إلى مستقبل منتظر نأمل تحققها.
نخط دون خوف ، فما أسهل أن نزيل أخطاءنا ونصيغ عباراتنا ثانية.
تجذبنا حليته ، و دقة خطه. نزيد حدته إذا ما انثلم ، نغرزه في يد أو ذراع صاحبنا الأقرب ، لتعلوا أصواتنا متضاحكين فينهرنا معلم الصف.
يتقزم ويعز علينا التخلي عنه ، فهو أحد مفاتيح حياتنا ، يعيش في أكفنا طويلا ، يألفنا و نألفه.
كانت الأيام تزحف ببطء ممتع ، نستشعر لذته. ما أطول يومنا الدراسي ! ما أطول صيفنا ! شتاءنا ! كان ابتسامنا يمتد نهارا ، وصيفنا يتسع لسفر و لقاء و تجارب كثيرة. شتاؤنا يمتد عمراً ، ثلجاً حارا ، مطراً عذباً ، شوارع موحلة ، أحذية بأعناق طويلة.
كل ذلك يشهد عليه قلمنا الرصاص. أين منا اليوم ذلك الأمان ؟ نستخدم أقلاماً مذهبه ثمينة، نستعرض بها نجاحاتنا بين الأقران – هل هي نجاحات ؟ نكتب فلا نستطيع أن نتراجع عما اجترحنا.
فقدنا ثقتنا بالأيام ، و ثقة الأيام بنا ، تسارعت دقات قلوبنا ، تضاءلت ابتساماتنا . نعيش حالة يصعب تصنيفها ، فهي عن السعادة أغرب و من الشقاء أعجب . لا ندري كيف نحن و أين نتموضع من أمانينا التي كانت مستقبلنا ، نتوه في المرايا باحثين عن ملامح ذلك الطفل الشقي ، نراه في القلب مختبئا بين الثنايا و الضلوع . يخشى العالم ويشتاق أيامه بصحبة قلم الرصاص.
ترى هل نستطيع استعادة براءتنا ؟

سعيد سليم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى