في عيد ميلاد الربيع / المحامي محمد العودات

في عيد ميلاد الربيع

ها هي تتأرجح عقارب الساعة لتعلن الواحدة ظهرا ينبلج النور في عيون الربيع وينفخ في سرة اليخضور صيحة الحياة، لميلاد الربيع جمال وبهجة لكن ميلاد أمومتك يشدنا أكثر لنخط بالحرف بعضا من مشاعر فاض بها القلب فسال حبره على وجه الورق.

جميلة أنت كجمال زهر اللوز المتفتح الزاهي ، رموشك الناعسة على حبات عينيك الغائرتين في عمق الزمن كبتلات السوسنة تعانق خيوط الشمس، حسفك البطيء كبراعم الياسمين المبللة وهي تحاول النهوض من حضن الشتاء في أخر نزعات غيوم أذار ، يا لون الدحنون المتورد في حضن الربيع ، يا جمال أوراق القمح المخضوضرة وهي تبزغ من بطانات سيقانها ، بهية انت ببهاء بياض أزهار الإقحوان المتوجة باللون الذهبي اللامع ، وادعة أنت بوداعة تلك الفراشات التي تخفق بأجنحتها الرقيقة تتجول على سطوح السهول، أزيز قلبك المثقل بعاطفة الأمومة كأزيز النحل يجوب الأزهار يبحث عن شذرات الرحيق ، يا نجمة الربيع المتلألئة في سماء الحب الصافي ،يا صوت البلابل والحسون التي تملأ بتغاريدها جنبات السهول والوديان ، يا هديل الحمام المحموم بالعشق والهيام ، يا ميلاد الربيع القلبي الذي لا يزول ،يا دفء ينبعث من موقد ينبض في برد السبل
بيومك يا سيدة العطف وكل الأيام محمولة على أثير عطفك أبرق لك بتلك الحروف المصفوفة محبرة بدمع العين ومخطوطة بمداد الحب، إن القلم الذي يخط اليوم بسبابتي يا سيدتي هو فطرة الحب المغروسة في سويداء القلب قبل ان يخفق وأنا في أحشائك الخفقة الأولى وتسري في جسدي رعشة الحياة.
كل ما أتمناه يا سيدتي في هذا اليوم وفي هذا المحبس الإختياري الذي حكمت على نفسي به منذ أكثر من عقد من الزمان ِسنة من نوم تدثر عين الغربة أسرقها فافزع إليك أهرب من وجع حرقة حبك إليك أقبل كفيك وأعانق ذلك الجبين المتفصد من التعب بقطرات اللجين الثم صفحة وجهك الوضاءة كفلقة من قمر في بدره المكتمل أتلمس بأطراف اصابعي قذائلك المصطبغة بلون الثلج الناصع، أعانقك أحتضنك أضع رأسي على كتفك واطوقك بجسدي المتعب ببعدك فأشتم خصل شعرك اسكب دموعي المحمومة بالشوق حتى أبلل شالك لكن هيهات هيهات فـ يد القدر طعنتني في خاصرة الغربة فأبعدتني عنك .
اليوم يا سيدتي وكأني اسمع مؤذن الحب ينادي لأصلي في محرابك، كل القلوب تهوي الى البيت العتيق وقلبي اليوم يا سيدتي يهوي الى حيث حجرك، يا كعبة الرحمة التي صنعت بيد الرحمن ، يا شذى زمزم كترياق يترقرق في جداول دنيتنا ، يا روضة قلوبنا ، يا قبة خضراء تحرسنا من سهام القدر ، يا محراب مريم البتول يا قبة صخرية منحوتة من عطف لا تلين ، بك ومن اجل يساق لنا الفضل مكبلا صاغرا تدفعة ملائكة الرحمات من أعلى السموات ليبقى قلبك من أجلنا ساكنا .

اليوم يا سيدتي كل الكون يتنفس صوت فايزة أحمد وهي تغني لك يا أمي ،ففي هذا اليوم نقول لك كل عام وانت بخير ، كل عام وانت امي ، كل عام وانت سنديانة شامخة وارفة اتظلل فيها ، كل عام وانت بألف خير يا ميلاد ربيع القلب الذي لا يصفر ولا يشيخ بحبك .

مقالات ذات صلة

أمي أقبليها عبر الأثير ومن خلف الشاشات والقفار المجدبات أنا أحبك .. أنا أحبك

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى