في النحو العربي ..طبعا / يوسف غيشان

في النحو العربي ..طبعا
“ذهب الولد إلى السوق” …..عودوا بذاكرتكم قليلا إلى الوراء ،فقد حفروا هذه الجملة على جدران أدمغتنا من كثرة تكرارها ، ابتداء من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية مرورا بالإعدادية …فقد كانت ، وربما ما تزال ، الجملة المفضلة لدى المعلمين وأساتذة اللغة العربية في كل مكان وزمان، يستخدمونها لشرح مكونات الجملة العربية خلال حصص النحو وقواعد اللغة العربية : الفعل ، الاسم، الضمير ، الجار والمجرور، الفاعل والمفعول ..وخلافه.
وعلى الرغم من اختلاف النحويين العرب على كل شيء . من (حتى) إلى اللا النافية للسكس إلا أنهم اتفقوا – كما يبدو – على صلاحية هذه الجملة تحديدا لشرح النحو العربي الذي لا يتقنه أحد من العرب .
ولكوننا جميعا مجرد ظاهرة لغوية بعد أن منعونا حتى من نعمة البقاء كظاهرة صوتية، فلم يهتم أحد بالأسباب والدوافع التي أدت إلى ذهاب الولد إلى السوق أو عودته منه… ولم يتعد اهتمامنا الألاعيب اللغوية التي تتيحها جملة :”ذهب الولد إلى السوق”
هل ذهب الولد إلى السوق ليشتري أم ليسرق أم ليتفرج؟
وهل عاد الولد من السوق مبسوطا أم حزينا أم مكسورا أم انه لم يعد قط؟
وهل هناك فاعل مستور أرسل الولد إلى السوق ، أم أن الولد ذهب من تلقاء نفسه وعاد (أو لم يعد) من تلقاء نفسه؟
هكذا نحن من جاهليتنا الأولى حتى الآن… نكتفي بأنصاف الحلول أو بأنصاف الأخبار أو بأنصاف الإجابات!!!
فإذا ذهب الأميركان إلى العراق .. لا نهتم متى يرحلون عنه أو لماذا أتوا أصلا !!!
وإذا مات عرفات نتعامل مع الأمر كجملة خبرية ونترحم على الرجل، ولا نهتم إذا ما مات مسموما، ومن تآمر عليه من أجانب وعرب وفلسطينيين!!!
إذا اقروا الانتخابات……………..
إذا أجلوها
إذا ألغوها
إذا استدانوا باسمنا
إذا باعوا الأوطان باسمنا
إذا وقعوا
إذا نقضوا اتفاقاتهم
إذا عدلوا الدستور
إذا تحول النظام الجمهوري إلى وراثي
إذا تحول النظام الوراثي إلى جمهوري
إذا تحول النظام السلطاني إلى نظام ديوي العشري
وإذا وإذا وإذا
في كل شي نهتم بأنصاف الأخبار وأنصاف المعلومات وأنصاف الإجابات وأنصاف الحلول وربما بأرباعها !!!
طبعا؛ فنحن جميعا من خريجي مدرسة :” ذهب الولد إلى السوق .!!!!!!!!!!!!!!!
من كتابي(مؤخرة ابن خلدون)الصادر عام2006

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى