في الموت فقط / د. فدوى علاونة

في الموت فقط
بقلم د.فدوى احمد علاونة

في الموت فقط تعرف ان الفقد ليس بالامر السهل، في الموت تكون تأشيرة السفر باتجاه واحد لا غير و يكون الوداع اخيرا و ميعاد تجدد اللقاء غير معروف الاجل، في الموت فقط يكون شريط الذكريات جاهزا لعرض سينمائي سريع ، بمشاهد وومضات و لقطات تظن انها مسحت من الذاكرة فتكتشف انها كانت جزءا لا يتجزؤ من لوحة فسيفسائية الصنع، اتسقت احجارها و اتفقت على صيغة جمالها، اصطفت و التصقت بين تلافيف الدماغ و ثنايا الوجدان .

طفولة بعيدة ، مسافات طويلة، بيوت كبيرة و اخرى صغيرة، اصوات تتعالى و موائد تُعَدّ و لقاءات بعضها بلا موعد و اخر ببطاقة دعوى، جلسات فيها من المودة و الصلة ما يعبق بالقلب و الفكر من عطر يفوح بين اسم و اسم و مسك يعتق الرسم و الرسم.

ابتسامات و ضحكات و ربما عَبَرات تمر على الوجنات بتتابع يرافق تتابع الدم في العروق ، بوح و فضفضة و اسرار تشاغل السمع فتضحكه تارة و تبكيه اخرى .
اخبار و اقوال و احوال ، نتناقلها ، نسأل عنها و نهتم بها ثم يأتي الموت فيأتي عليها جميعا في لحظة تعصف بنا ، نؤمن بها و نصبر عليها و نمضي بعدها ، نهاتف من لا يسمع اجراس هواتفنا و نحلم بمن غاب عن ناظرنا ، نمر على البيوت فلا نعرفها و لا تعرفنا و ننادي على الاسماء فتقول لا تنادِ بل ناجِ من كان بالآجال عالما و للرحمات مرسلا و للمتحابين فيه تحت ظله جامعا

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى