في الإرشاد إلى سبيل الرشاد( 10 ) / عبد اللطيف مهيوب العسلي

في الإرشاد إلى سبيل الرشاد( 10 )
المرتبة الرابعة .
الجادة العظمى والعروة الوثقى.
….
الجادة العظمى والعروة الوثقى والدرجات العليا ، التي بها قامت الدنيا وعمرت بها الأخرى :
هي كلمة التوحيد ولفظة التنزيه والتجريد، وصفة التشريف والتحميد، الشهادة المحضة ، والريحانة الغضة ، المعبرة بلا إله إلا الله.
وهي علم الأعلام وأول أركان الإسلام، ظاهرها النفي والإثبات ، وباطنها التعظيم والإخبات ، وطريقتها التفكر باﻵيات، وحقيقتها العمل بالطاعات ، وترك جميع المخالفات.
بالألسنة حروفها وقولها ، وبالقلوب عقدها وحلها ، وبالجوارح عينها وفعلها .
من قالها بلسانه ، وأعتقدها بجنانه ، وخالفها بأركانه فهو المستهزيء بايمانه ، الكاذب بسره وإعلانه .)1
شهد بها مجاملة لوالديه وتبعا لإسلام قومه فتبا له من شاهد كاذب.

أفلا يقتضي مقتضى الحق أن يدين المخلوق
لرب الأرباب وخالق الخلق .

فيشهد بشهادة الحق المنزهة عن الزور والحنث .
أنه ﻻ إله إلا الله الخالق للخلق ، والمدبر للأمر والمحقق للحق ، واﻷحق بالتأليه والتفريد .

(ثابت الاسم ، كامل العلم ، قائم الذات .
اسمه يتعلق به وينطوي عليه .
وعلمه يبتديء منه وينتهي إليه .
هل ترى في رتقه من فتق ؟ أو في علمه من خلق ؟ أو لذاته من ذات؟
يتنزه ذلك الظهور ويتقدس ، ويتعالى ويتمجد ويعز ويجل أن يلتبس بالزمان والمكان والوقت والأوان ، والخبر والعيان ، والانتقال الزوال ، واﻷشباه واﻷمثال، والإدبار والإقبال ، وما قيل وما يقال، إذ هو له وبه وعليه وإليه ولديه.
ﻻ ينفصل عنه فيعرف وﻻ يتصور دونه فيوصف مقام الكبرياء والبهاء والسناء والغنى والجلال والكمال والجمال والعز والقهر والجبروت .
مقام اﻷحدية الصمدية السرمدية الفردانية ، القديمة الكريمة الشريفة العظيمة النعوت ، المسبحة بأسمائها لصفاتها ، والمعظمة بصفتها لذاتها ، بكل ما يصلح لمعانيها من محاسن مبانيها ، المتعالية عن كل ما تبلبل به الألسنة وتسعه الأمكنة وتؤقته الأزمنة ، وتقوم به الحركة وتتغناه النسكة وتتناساه التركة .) 2
أقرت بتوحيده العقول ، وعنت لعظمته الوجوه بالسجود .

مقالات ذات صلة

أفلا تدين له المخلوقات وهو موجدها والغني عنها ، بعد أن عجزت عن دفع الهرم الفنى عن نفسها .
فتعود اليه بالشهادة المحضة المعبرة عنه
( بلا اله اﻻ الله وأن محمد رسول الله)

ثم انه يلزم سالك طريق التوحيد الخالص المنتقل من مجال الدين العام القائم على موافقة الجماعة وموافقة الوالدين إلى مجال الدين الخاص الخالص القائم على الإقتناع التام والطاعة .

وحتى يتميز باسلامه عن إسلام المشكوك بدينه وإيمانه ، إلى دين المتثبت المخلص بسره وإعلانه أن يبني توحيده على حقيقة نابعة من حاجته واشتياقه إلى ما يوصله بربه ،
وحتى تكون هذه الشهادة حجة لقائلها ومحجة وبرهانا له ﻻ عليه ، يلزمه التوبة والبراءة من المظالم والطغيان ، قبل نطقه الشهادة باللسان ، ما يلزم الحج قبل قصده حج بيت الله الحرام من التوبة والبراءة من اﻷثام ، وتجهيز الزاد والراحلة من طيب الحلال ، ويلزمه معرفة من أقر بشهادته ،
( . فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19 .) 3
ما يلزم الحاج من معرفة ما يصح به النسك المفروضة عليه وما يتعلق بها ، حتى يرجع بحج مبرور وذنب مغفور ، كذلك يجب على من أسلم وجهه الى الله وهو محسن أن يعرف ما يجب من صفات الله وتو حيده وأسمائه ، وما جاءت به رسله ، حتى تكون له حجة ومحجة .يوم يلقاه .
كما يلزمه أن يعظم شأن شهادته بتعظيم مشهوده وتكبيره ، وتوقير رسوله وتعزيره .
، كما يلزم الحاج المتلبس بتلبيته وإحرامه عند معاينته الكعبة المشرفة من تعظيم شأنها ، وتقبيل أركانها، والطواف ببنيانها .
كذلك فإن الموحد يلزمه تعظيم الله وتكبيره وتوقير الرسول وتعزيره ، وأما طوافه وتقبيل أركانها فذلك طاعته وإنقياده ،
وأما إحرامه ومتناعه ما يحرم على المحرم كذلك يجب على الشاهد الشهادة الحقة أن يصون شهادته من كل ما يجرحها فلا يكون كالمستهزيء بشهادته ودينه ، والمخالف لها بأفعاله ، فيكون حاله كحال من كفر بها فكيف يكون حاله حين يلقى بها ربه فتكذبه الشهادة وتشهد عليه ، فشاهد استهتاره بها مخالفته .
– فعظموا الله حق تعظيمه الذي شهدتم بواحدانيته .-
فمثله كمثل من ليس له من حجه الا المشقة والعناء فلا أستحسن الزاد من طيب حلاله ، وﻻ عظم شأن بيته ، وﻻ صان حجه من رفثه وفسوقه فأنى تكون له حجة مبرورة .؟
.فشتان بين من أتى
بحجة صالحة ومحجة واضحة ممن أكمل حجه تبعا لما أمره به ربه ا
(( لْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197))4
كذلك شتان بين من شهد الشهادة البترى ، ومن شهد الشهادة الحقة وقام بحقها .

فهذا الذي تنقله شهادته الى اسلامه وتمكينه …………………
1- من كتاب الفتوح
2 – من كتاب التوحيد الأعظم (1، 2) للعارف بالله الشيخ أحمد ابن علوان مزيد رضوان الله عليه .
3 – سورة محمد
4- سورة البقرة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى